للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد طلوع الفجر فإنه يؤمر بالإمساك، ولا يعتدُّ له بصوم ذلك اليوم (١).

ثالثاً: حمل حديث أبي هريرة على كمال الصوم، وأنه إرشاد إلى الافضل وهو الاغتسال قبل الفجر، وقد تركه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذلك في حديث عائشة وأم سلمة، لبيان الجواز (٢).

وبالرأي الأول أقول وإليه أذهب، وإني أراه أقوى الأوجه علماً بأنَّ الرأي الثالث يوفق بين الحديثين من غير أنْ يكون هناك ناسخ ومنسوخ. ذلك هو الحديث ووجهه، إلاَّ أنَّ أَبَا رِيَّة، بعد أنْ ذكر قول عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، ورجوع أبي هريرة. قال: «فلم يسعه إزاء ذلك إلاَّ الإذعان والاستحذاء!! وقال: إنها أعلم مني، وأنا لم أسمعه من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما سمعته من الفضل بن العباس، فاستشهد ميتاً، وأوهم الناس أنه سمع الحديث من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما قال ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث "» (٣).

نأخذ على أَبِي رِيَّة في هذا التعليق أمرين:

الأول: لم يستشهد أبو هريرة ميتاً بل ثبت أنه عزا الحديث إلى الفضل بن العباس، وإلى أسامة بن زيد (٤)، في رواية. وأسامة بن زيد توفي سَنَةَ [٥٤] وفي قول [٥٨ أو ٥٩] والحادثة وقعت في ولاية مروان على المدينة، وكانت قبل سنة [٥٧]، فمن المحتمل أنْ تكون وقعت في حياة أسامة بن زيد قبل سَنَةِ [٥٤]، وإن كانت وفاته على الرواية الثانية فإنها تؤكِّدُ لنا وقوع الحادثة في حياة أسامة، فلا يكون أبو هريرة قد استشهد ميتاً، كما قال أَبُو رِيَّة.

الثاني: أنَّ أَبَا رِيَّة عزا الرواية إلى ابن قتيبة، إلاَّ أنَّ القائل هو النَظَّام،


(١) " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص ١٢٦. و " أخبار أهل الرسوخ: ص ٢٩ أي كمن طلع عليه الفجر وهو يجامع.
(٢) " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص ١٢٦.
(٣) " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص ١٦٨.
(٤) شهد بذلك أَبُو رِيَّة نفسه، انظر هامش صفحة [١٦٨] من كتابه " أضواء على السُنَّة المحمدية ".

<<  <   >  >>