للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ تَمْرٍ» فلم يأبهوا بحديثه هذا وقالوا: أبو هريرة غير فقيه وحديثه هذا مخالف للأقيسة بأسرها، فإنَّ حلب اللبن من التعدي، وضمان التعدِّي يكون بالمثل أو القيمة والصاع من التمر ليس واحداً منهما إلى آخر كلامهم (١).

وهذا ما ذكره الأستاذ أحمد أمين (٢) كما استشهد أبو رِيَّةَ بنحو هذا عن الحنفية، وذكر مسألة المصراة (٣).

وقد انتصر ابن عساكر لأبي هريرة ورفض قبول ذاك الادِّعاء وأكَّدَ أنه غير مقبول وغير مرضي وقال: «فقد قدمنا ذكر من أثنى عليه ووثقه، وذكرنا من روى عنه وأصدقه» (٤).

وقد ذكر الذهبي مسألة المصراة وداع فيها عن أبي هريرة، وأوجب العمل بحديثه، وَبَيَّنَ أنَّ عمل الحنفية وسائر الأئمة بخلاف هذه الرواية عن الحنفية، وَبَيَّنَ أنَّ الحنفية قدَّمُوا خبر أبي هريرة على القياس، وكذلك فعل الإمام مالك، وَبَيَّنَ أنَّ أبا حنيفة قد ترك القياس لما هو دون حديث أبي هريرة بل الدليل أقوى منه، وقد فَنَّدَ الدكتور مصطفى السباعي ما ادَّعَاهُ الأستاذ أحمد أمين من تقديم الحنفية القياس على الخبر إذا عارضه، وأنهم فعلوا هذا في أحاديث أبي هريرة، وأنهم يعدُّونه غير فقيه، وَرَدَّ على ذلك رَدًّا علمياً جليلاً كشف فيه عن الحق، ودحض هذه الرواية بالحُجَّةِ القوية والأدلة الواضحة، ولولا ضيق المقام لذكرت ذلك هنا (٦).


(١) المرجع السابق: ص ٢٧٠.
(٢) انظر " فجر الإسلام ": ص ٢٦٩.
(٣) انظر " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص ١٦٩ و ١٧١.
(٤) ابن عساكر: ص ٥٠٧، جـ ٤٧.
(٥) انظر " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٤، ٤٤٥.
(٦) راجع كتاب " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٢٩٩ - ٣٠١. ولإتمام الموضوع راجع صفحة: ٣٠٢، ٣٠٣. ومن ذلك يتبيَّنُ لنا دس ما روي عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة والذي ذكره صاحب كتاب " المؤمل " في الصفحة ٣١، لأنه يخالف ما طَبَّقَهُ الأحناف.

<<  <   >  >>