للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي التابعين نافع مولى عبد الله بن عمر الذي لم يخطئ فيما حفظ وأجمع النُقَّادُ على دقَّة حفظه، وفيهم محمد بن سيرين، وسعيد بن المسيب وابن شهاب الزُهري حفاظ عصرهم، وعامر الشعبي ديوان زمانه، وقتادة بن دعامة السَدُسِيِّ مضرب المثل في سرعة الحفظ والضبط والإتقان، وغيرهم من التابعين.

وأما في عهد أتباع التابعين ومن بعدهم فقد كثر الحفاظ كثرة عظيمة، واتَّسع النشاط العلمي حتى إنه ما كانت تخلو مدينة من كبار الحفاظ الذين تُشَدُّ الرحال إليهم، أمثال سفيان الثوري، والإمام مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، والإمام أحمد، والإمام البخاري، ومسلم، وأبي حاتم الرازي، وأبي زُرعة الرازي وغيرهم من أئمة الحديث وحُفَّاظه.

وقد ساهمت الأقلام والدفاتر في حفظ الحديث إلى جانب حفظه في الصدور، فمنذ عهد رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتب عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفته الصادقة بين يديه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما سمح لغيره مِمَّنْ لا يحفظ بالكتابة كسماحه (لأبي شاه) اليَمَنِي، كما أنَّ كُتَّاب الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتبوا بين يديه الكريمتين بعض الأحكام إلى أمرائه ووُلاَّته في البلدان.

وأما ما ورد من نهي عن الكتابة فقد كان خشية التباس القرآن بالسُنَّة، وخوفاً من أنْ ينشغل الناس آنذاك عن القرآن الكريم، وقد سمح الرسول لبعض المتقنين بالكتابة، كما سمح لمن لا يقدر على الحفظ أنْ يكتب، ثم أبيحت كتابة الحديث، ولهذا كان كثير من التابعين يكتبون بين يَدَيْ الصحابة، كما كان عند بعض الصحابة بعض الصُحُفِ التي فيها حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كالصحيفة التي كانت في قائم سيف أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، والصحيفة التي وجدت في قائم سيف أمير المؤمنين عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، والكتاب الذي كتبه أبو بكر الصِدِّيقُ لأنس بن مالك في الصدقات التي فرضها رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما كان عند

<<  <   >  >>