للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحضر غسله وكفنه، وازدحم الناس على حمل سريره، وحمل أبان معهم بين العمودين، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع ودموعه تسيل على خديه، ويقول: كنت والله خيرًا لا شر فيك، وكنت والله شريفًا، واصلاً، برًا، - رضي الله عنه - (١).

وإنَّ أبان هذا هو ابن الخليفة والصحابي الجليل عثمان بن عفان، فقد كانت العلاقة بين الصحابة قوية وتتمثل في محبة بعضهم بعضا واحترام كل منهم للآخر، وتوارث أبناء الصحابة هذه المحبة من آبائهم، ومنها محبة أبان بن عثمان بن عفان لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

وأكبر دليل على توارث هذه المحبة أيضاً، أنَّ أبان بن عثمان بن عفان تزوج من أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (٢)، وأمّها زينب بنت علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وعن محمد بن إسحاق بن جعفر عن عمه محمد بن جعفر: «أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لما حضرته الوفاة دعا بابنه معاوية فنزع شنفا (٣) من أذنه وأوصى إليه وفي ولده من هو أسن منه، قال: إني لم أزل أو أملك لها. فلما توفي عبد الله احتال معاوية بدين أبيه وخرج فطلب فيه حتى قضى دينه وقسم أموال أبيه بين ولده ولم يستأثر عليهم بشيء» (٤).


(١) أسد الغابة (١/ ٥٩١)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (١/ ٣٧٢).
(٢) انظر المعارف للدينوري (٨٦)، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب للعكري (١/ ١٣١).
(٣) والشنف: القرط الاعلى أو معلاق في قوف الاذن أو ما علق في أعلاها وأما ما علق في أسفلها فقرط.
(٤) أخرجه ابن عساكر (٥٩/ ٢٤٦)، والبغوي في معجم الصحابة (٣/ ٥١٣)، رقم (١٤٩٩)، وانظر تهذيب الكمال للمزي (٢٨/ ١٩٧)، وانظر ذخائر العقبى (١/ ٢٢١).

<<  <   >  >>