فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك أذن لهم في الهجرة إلى الحبشة، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن بينهم جعفر - رضي الله عنه - وزوجه إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة، وفراراً إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام.
فقد كانت الهجرة هي السمة الغالبة على حياة جعفر - رضي الله عنه -، فقد هاجر ثلاث هجرات لم يهاجرها غيره من الصحابة إلا نفرٌ قليل، فقد هاجر الهجرتين إلى الحبشة، وهاجر إلى المدينة المنورة، فحياته كلها كانت هجرةً لله ولرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولإقامة الدين والدعوة إليه، ولإقامة شعائره وشرائعه، فهو ممن هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، وهاجر إلى الحبشة مع زوجه أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - الهجرة الثانية، وولد له أولاده الثلاثة في الحبشة كما مرَّ معنا، وعاش فيها ردحاً من الزمن.
وذلك كله يدلنا على أن جعفراً رضي الله عنه - كان من أهل الإيمان الراسخ، واليقين العظيم، والتضحية الكبيرة، حيث ترك داره وأرضه وبلاده، فكانت حياته كلها تضحيةً في سبيل الله، وفي سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل.
وبالإضافة إلى ما سبق كان من أسباب هجرة جعفر - رضي الله عنه - والمسلمين إلى الحبشة: