للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهور الإيمان والفرار بالدين:

حيث كثر الداخلون في الإسلام، وظهر الإيمان، وتحدث الناس به، قال الإمام الزهري (١) فيما رواه عن عروة في هجرة الحبشة: فلما كثر المسلمون، وظهر الإيمان فُتحدث به، ثار المشركون من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم يعذبونهم ويسجنونهم وأرادوا فتنتهم عن دينهم فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال للذين آمنوا به: «تفرقوا في الأرض» قالوا: فأين نذهب يا رسول الله، قال: «هاهنا» وأشار إلى أرض الحبشة» (٢).

فكان الفرار بالدين خشية الافتتان فيه سببًا مهمًّا من أسباب هجرتهم للحبشة، كما بيَّن ذلك محمد بن إسحاق (٣).

ومن الأسباب: نشر الدعوة خارج مكة:

قال سيد قطب: ... ومن ثم كان يبحث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - عن قاعدة أخرى غير مكة، قاعدة تحمي هذه العقيدة وتكفل لها الحرية، ويتاح لها فيها أن تتخلص من هذا التجميد الذي انتهت إليه في مكة، حيث تظفر بحرية الدعوة وحماية المعتنقين لها من الاضطهاد والفتنة، وهذا في تقديري كان


(١) انظر: المغازي النبوية للزهري، تحقيق سهيل زكار (٩٦)، والطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ٢٠٣).
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط (٧/ ٢٥٨، رقم ٧٤٤٠)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٤٢): «فيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه غير واحد وضعفه بسبب التدليس وقد صرح بالتحديث عن شيخ ثقة وبقية رجاله ثقات»، وأخرجه أيضاً: عبد الرزاق (٥/ ٣٨٤)، رقم (٩٧٤٣).
(٣) انظر: سيرة ابن هشام (١/ ٣٩٨)، وسيأتي كلامه عن الهجرة إلى الحبشة بسبب الفتنة.

<<  <   >  >>