للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء (١)، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة (٢)،

وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قال: فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم

نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من كهيعص، قالت: فبكى والله النجاشي حتى أخضل (٣) لحيته، وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة (٤)


(١) الدماء: أي حفظها وعدم إراقتها إلا بالحق.
(٢) قذف المحصنة: اتهام المرأة الطاهرة العفيفة..
(٣) أخضل لحيته: بلَّل لحيته.
(٤) المشكاة: ما يوضع عليه المصباح، والمراد يخرجان من نور واحد.

<<  <   >  >>