للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبداً ولا أكاد، قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لأنبئنهم غداً عيبهم عندهم، ثم استأصل به خضراءهم (١)، قالت: فقال له عبد الله بن أبى ربيعة -وكان أتقى الرجلين فينا-: لا تفعل فإن لهم أرحاماً وإن كانوا قد خالفونا، قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه الغد، فقال له أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه، قالت: ولم ينزل بنا مثله (٢)،

فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبينا كائناً في ذلك ما هو كائن. فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر بن أبى طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. قالت: فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عوداً ثم قال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت (٣) بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نَخَرْتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي- والسيوم الآمنون - مَن سبَّكم غرم (٤)،

ثم من سبَّكم غرم، فما أحب أنَّ لي دبراً ذهباً وإني آذيت رجلاً منكم، -والدبر بلسان الحبشة الجبل-، ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة


(١) خضراءهم: أي شجرتهم التي تفرعوا منها.
(٢) ولم ينزل بنا مثله: أي لم ينزل بنا من البلاء مثل هذا البلاء..
(٣) تناخرت: أي تكلمت، وكأنه كلام من غضب ونفور.
(٤) الغُرْم: ما يلزم الشخص أداؤه كالضمان والدين والدية وغير ذلك..

<<  <   >  >>