للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين ردَّ علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه، قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار، قالت: فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعنى من ينازعه في ملكه، قالت: فوالله ما علمنا حزناً قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك، تخوفاً أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه، قالت: وسار النجاشي وبينهما عرض النيل، قالت: فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟ قالت: فقال الزبير بن العوام: أنا، قالت: وكان من أحدث القوم سناً، قالت: فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت: ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو بمكة» (١).

وفي هذا الموقف نرى شجاعة وإقدام جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - للكلام والدفاع عن بقيّة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة أمام النجاشي.

فإنه لم يخف في الله لومة لائم وصدع بالحق دون أي خوف أو انهزام، بل برباطة جأش وإصرار على ما هو عليه من الحق، بعد أن أرسلت قريش


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٠١)، رقم (١٧٤٠) و (٥/ ٢٩٠)، رقم (٢٢٥٥١)، وقال الهيثمي (٦/ ٢٤): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق - كذا قال الهيثمي والصواب محمد ابن اسحاق- وقد صرَّح بالسماع، قال ابن كثير في تفسير القرآن (٢/ ١٦٨): ثابت، قال أحمد شاكر في مسند أحمد (٣/ ١٨٠) إسناده صحيح، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٧/ ٥٧٨) إسناده جيد، وقال شعيب الأرنؤوط في مسند أحمد (١٧٤٠): إسناده حسن.

<<  <   >  >>