للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - منكم. فغضبت وقالت: كلا والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا فى دار أو فى أرض البعداء البغضاء (١) بالحبشة، وذلك فى الله وفى رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وايم الله، لا أطعم طعاماً، ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبى - صلى الله عليه وآله وسلم - وأسأله، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه فلما جاء النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - قالت: يا نبى الله إن عمر قال: كذا وكذا. قال «فما قلت له؟». قالت: قلت له كذا وكذا. قال: «ليس بأحق بى منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان».

قالت فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً (٢)، يسألوننى عن هذا الحديث، ما من الدنيا شئ هم به أفرح ولا أعظم فى أنفسهم مما قال لهم النبى - صلى الله عليه وآله وسلم -. قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث منى» (٣).

وهنا دعنا ننظر إلى موقف أسماء - رضي الله عنها -، غضبت لأجل الحق وحاورت بالحق، لا تخاف في الله لومة لائم، ولكنها كانت جميلة المنطق، إنها مثال للزوجة المسلمة التي تربت على الإسلام، ولا عجب فهي زوجة جعفر - رضي الله عنه -.

وأيضا دعنا ننظر إلى مقياس تفاخر المسلمين في زمن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -،


(١) البعداء البغضاء: البعداء في النسب، البغضاء في الدين، إلا من أسلم منهم كالنجاشي رحمه الله.
(٢) أرسالاً: أي أفواجاً، فوج بعد فوج.
(٣) انظر تخريج الحديث تحت عنوان: «الأحاديث الصحيحة في ذكر جعفر - رضي الله عنه -، حديث رقم (٦).

<<  <   >  >>