فإن تفاخرهم ليس بالأحساب والأنساب، وإنما بالبذل والتضحية في سبيل الله، وبالقرب وبالخدمة والذود والحماية لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهذا ما قصده عمر الفاروق - رضي الله عنه -، وكان غضب أسماء - رضي الله عنها - وحزنها من حرصها على الخير والفضل في هذا الدين.
ولنا هنا وقفة مع ثناء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على من هاجر إلى الحبشة ومن ضمنهم جعفر - رضي الله عنه -، فقد أثنى عليهم وذكر بأن لهم هجرتين وذلك بسبب تركهم ديارهم وأهلهم وعيشهم في الغربة حفاظاً على الدين وحرصاً على إقامته.
وهذا يدلنا على فضل الهجرة عموماً، والهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خصوصاً، وقد نال جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - قصب السبق في كل هذه الهجرات التي كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
والآن مع اللحظة التي طال انتظارها، إنها لحظة لقاء ورؤية جعفر - رضي الله عنه -... للحبيب - صلى الله عليه وآله وسلم -، وما إن وصل جعفر حتى فرح - صلى الله عليه وآله وسلم - بقدومه بعد فرحه بفتح خيبر فكان الفرح فرحين، وأسهم - صلى الله عليه وآله وسلم - لجعفر ومن معه من المسلمين في الغنائم.
فعن جابر بن عبد الله قال:«لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما أدري بأيهما أنا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر»(١).
(١) أخرجه الحاكم (٢/ ٦٨١) (٤٢٤٩) وقال: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي في التلخيص، قال الألباني في تخريج فقه السيرة (٣٥٠) «حسن وبالجملة فالحديث قوي بهذه الطرق».