للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يشارك جعفر - رضي الله عنه - في أي معركة قبل سنة ثمان للهجرة، وذلك لأنه كان في الحبشة، فقد كان يتمنى ويتلهف شوقاً أن يغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، للفوز بالشهادة والجنة، بل كانت تتوق نفسه لأعلى الجنان، بعد أن امتلأت نفسه روعة بما سمع من أنباء إخوانه المؤمنين من الصحابة الذين خاضوا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غزوة بدر، وأحد وغيرهما من المشاهد والمغازي التي لم يشارك فيها جعفر - رضي الله عنه -.

لقد كان - رضي الله عنه - ينتظر اللحظة الحاسمة، ليلحق بركب من سبقه من الشهداء، فقد أراد إحدى الحسنيين، فإمّا أن يحقق فيها نصراً كبيرا لدين الله، وإمّا أن يظفر باستشهاد عظيم في سبيل الله.

ولم يطل انتظاره - رضي الله عنه - ولم يطل مكثه في المدينة بعد قدومه من الحبشة، فقد بعثه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في سنة ثمان للهجرة إلى موقعة مؤتة، ليكون ثاني قائد لها بعد زيد بن حارثة - رضي الله عنه -.

(وهي أول تحرك عسكري للمسلمين خارج الجزيرة العربية، لمقاتلة ومنازلة الروم.

وهي المعركة الوحيدة التي أمّر فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثلاثة أمراء، وهي أيضاً الوحيدة التي نصّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على نتيجتها وخبرها وحياً وقت وقوعها قبل عودة الصحابة ورجوعهم رضوان الله عليهم أجمعين) (١).

وكان جعفر يعلم علم اليقين، أنها حرب ضارية، لم يخض المسلمون مثلها من قبل، إنها معركة مع امبراطورية الروم، التي تمتلك من العدة والعتاد ما لا


(١) من دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح.

<<  <   >  >>