للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستطيع لأي جيش أن يصمد أمامها، ومع هذا كان - رضي الله عنه - من أشد المسلمين فرحاً بكونه ثاني ثلاثة جعلهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قواداً للجيش وأمراءه.

فعن عروة بن الزبير قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعثة إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: إن أصيب زيد فجعفر بن

أبي طالب على الناس. فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس» (١).

قال ابن إسحاق: «فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب، بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة. فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون» (٢).

وبلغ المسلمين أنّ هرقل قد نزل أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة من نصارى العرب من قبائل لَخْم وجُذام وقُضاعة وغيرها، مقابل ثلاثة آلاف من المسلمين الشجعان المجاهدين في سبيل الله، من حملة القرآن الكريم.

فهل أخذت جعفر - رضي الله عنه - الرهبة عندما بَصر جيش الروم بهذا العدد الضخم مقابل عدد المسلمين القليل؟

لا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذته نشوة عارمة إذ أحسّ بلذة القتال في سبيل الله، فازداد حماساً إلى حماس.


(١) أخرجه ابن هشام في السيرة (٢/ ٣٧٣)، والطبراني (٥/ ٨٤)، رقم (٤٦٥٥)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٢٣١): «رواه الطبراني ورجاله ثقات إلى عروة».
(٢) أخرجه ابن هشام في السيرة (٢/ ٣٧٧).

<<  <   >  >>