للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: «تم التقى الناس واقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية... رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى شاط (١) في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى إذا ألحمه (٢) القتال اقتحم عن فرس (٣) له شقراء، فعقرها (٤)، ثم قاتل القوم حتى قتل» (٥).

نعم فما كادت الراية توشك على السقوط من يد زيد بن حارثة - رضي الله عنه -، حتى تلقاها جعفر بيده ومضى يقاتل بها في إقدام لا مثيل له، نعم إنه يبحث عن الشهادة.

ولم تكن قيادة جعفر - رضي الله عنه - بمعزل بل كانت في مقدمة الصفوف.

وبعد أن عقر فرسه، انطلق وسط الصفوف المتكالبة عليه كالإعصار، وراح يصوِّب سيفه ويسدده إلى نحور أعدائه، من غير توقف، لا يبالي بطعناتهم، ولا ضرباتهم، رغم كثرتها، فإنه ثابت - رضي الله عنه - حتى آخر رمق.

قال ابن هشام: «وحدثني من أثق به من أهل العلم أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل - رضي الله عنه - وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء. ويقال: إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه بنصفين» (٦).


(١) يقال شاط الرجل: إذا سال دمه فهلك.
(٢) ألحمه القتال: نشب فيه فلم يجد مخلصاً.
(٣) اقتحم عن فرس: رمى بنفسه عنها.
(٤) عقرها: ضرب قوائمها وهي قائمة بالسيف.
(٥) أخرجه ابن هشام في السيرة (٢/ ٣٧٨).
(٦) أخرجه ابن هشام في السيرة (٢/ ٣٧٨).

<<  <   >  >>