للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويطعمهم، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «ما احتذى النعال... ولا ركب المطايا ولا وطئ التراب بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أفضل من جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -» (١).

وعنه أيضاً - رضي الله عنه - أنه قال: «وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب» (٢).

وهذا يدل على بروز هذا الخلق عند جعفر - رضي الله عنه -؛ لأن جعفراً كان في الحبشة، وإسلام أبي هريرة إنما كان في العام السابع بعد خيبر، وجعفر - رضي الله عنه - كما سيأتي- شارك في مؤتة واستشهد فيها، أي أن عاماً واحداً هو الذي كان يجمع بين أبي هريرة وجعفر في المدينة، ومع ذلك كان كرم جعفر - رضي الله عنه - مشتهراً حتى لقب بأبي المساكين، حتى كان أبو هريرة - وهو من هو- يذكر أنه ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خير أو أفضل من جعفر بن أبي طالب، لما كان لأثر كرمه وجوده على أبي هريرة، وعلى غيره من فقراء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وهذا يدلنا على هذه المنقبة العظيمة التي تدل على نفس سمحة سخية، وعلى رغبة في الأجر والمثوبة، وإدخال السرور إلى قلوب الضعفاء والمحتاجين.

وهنا نرى دقة الصحابة في النقل والرواية، ونرى أنهم لا يكتمون أدنى فضيلة ذُكرت لآل البيت، وهذا إن دل فإنما يدل على محبتهم، فالمحبة في الله هي شعارهم، حتى إننا نجد أنَّ من ينقل


(١) انظر تخريج الحديث تحت عنوان: الأحاديث الصحيحة في ذكر جعفر - رضي الله عنه -، حديث رقم (١٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥/ ٢٤) (٣٧٠٨)، وفي (٧/ ١٠٠) (٥٤٣٢).

<<  <   >  >>