للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كلَّ ذلك إطلاقُ المؤلف هنا، خلافًا لزاعمي اشتراطِ شيء من ذلك؛ لأنَّ الكثرة مانعةٌ من التواطؤ على الكذب ولو من الكفار، ولا يُشكِل -على الأصح-: أخبارُ اليهود (هـ/٢٥) قاطبةً عن تأييد دين موسى، وعدمِ نَسخِه؛ لأنَّ ذلك ليس إخبارًا مُستنِدًا لمحسوس، فإنَّ موسى ما قال لهم ذلك، وإنَّما كذبَت أساقِفَتُهُم وأحبارُهم، بل قيل: إنَّه من تلقينات ابن الرَّاوَنْدِيِّ (١) على عادته في تعليم الفِرَق الشُّبَه طلبًا للدنيا، على أنَّ بُخْتَ نَصَّرَ كان قد استأصَل ساقَهم، أي: جميعَهم، حتى الأجنَّةَ في بطون الحوامل، وقد انقطع التواتر في بعض طبقاتهم.

وأشار إلى ثانيهما بقوله: «أَحَالَتِ العادةُ ... إلخ» ومعناه: أنَّ كل عاقلٍ نظَرَ إلى جريان العادة حكَمَ باستحالة تواطُئِهم على الكذب؛ فإسناد الإحالة للعادة من المجاز. وعطفُ «توافقهم» على «تواطؤهم»: تفسيريٌّ.

وأشار إلى الثالث بقوله: «رَوَوْا ذلك ... إلخ»:

والمراد بالمماثلة في إفادة العلم لا في العدد.

وقوله: «من الابتداء»: متعلق بـ: «مثلهم»؛ لِما فيه من رائحة المماثلة الكافية في تعلُّق الجارِّ والمجرور؛ (أ/٢٠) فأفاد أنَّه لابد من المماثلة في جميع الطبقات.


(١) أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق، المعروف باسم ابن الراوندي، كان في بداياته من علماء المعتزلة في القرن الثالث الهجري، ولكنه تحوَّل عن المعتزلة وانتقدها بشدَّة في كتاب «فضيحة المعتزلة»، ثم اعتنق لبرهة وجيزة الإسلام الشيعي، وله كتاب «الإمامة» من آثار تشيعه القصير، ثم التقى بأبي عيسى الوراق الذي كان ملحدًا فتحوَّل بعدها إلى الإلحاد ليصبح واحدًا من أشهر الزنادقة في التاريخ الإسلامي. ينظر: تاريخ الإلحاد في الإسلام (ص ٨٩) عبد الرحمن بدوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>