للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَالَ الشَّافِعيُّ -رضي الله عنه-: يُقْبَلُ إِنِ اعْتَضَدَ بمجيئِهِ مِن وجْهٍ آخَرَ يُبايِنُ الطُّرُقَ الأُولَى؛ مُسْنَدًا كانَ أَو مُرْسَلًا؛ ليترجَّحَ احتمالُ كونِ المحذوفِ ثقةً في نفسِ الأمرِ.

ونَقلَ أَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِنَ الحنفيَّةِ، وأَبُو الوليدِ الباجِيُّ مِن المالِكيَّةِ أَنَّ الرَّاويَ إِذا كانَ يُرْسِلُ عنِ الثِّقاتِ وغيرِهم، لا يُقْبَلُ مُرسَلُهُ اتِّفاقًا.

وَالقِسْمُ الثَّالِثُ مِن أَقسامِ السَّقْطِ مِن الإِسنادِ: إِنْ كَانَ باثنَيْنِ فَصاعِدًا مَعَ التَّوالي، فهو المُعْضَلُ.

[قوله] (١): «وقال الشافعيُّ ... إلخ»:

اعلم أنَّ الشافعيَّ لا يَقبَلُ المرسَلَ إلَّا إذا كان مرسَلَ تابعيٍّ كبيرٍ، وكان ذلك التابعيُّ لا يروي إلَّا عن ثقة، بأنْ يكون حيث يسمِّي مَن يروي عنه لم يُسَمِّ مجهولًا ولا مرغوبًا عن الراوية عنه، ولا يلغي قوله: «لم آخُذ إلا عن الثقات» كما قدَّمنا، وكان ذلك الراوي المرسِل إذا شارك الحفَّاظَ في أحاديثهم وافقهم فيها ولم يخالِفْهم، فإنْ خالَفَهم بزيادة في اللفظ أو في المعنى رُدَّ حديثُه، وكذا إذا خالفهم بنَقصٍ في المعنى، وإن خالفهم بنَقصٍ في اللفظ فقط لا يضرُّ، ولا بُدَّ أنْ يعتضد ذلك المرسَل [بمجيئه] (٢) من وجهٍ آخَرَ مبايِنٍ للطريق الأُولى مسندًا أو مرسَلًا؛ لترجيح احتمال كونِ المحذوف ثقةً في نفْس الأمر، وأمَّا ابن الصَّلاح (٣) فعنده حيث اعتضد قُبل من غير تفصيل، وجَزَم السُّبْكِيُّ بكلام الشافعيِّ، فإنْ قيل: إذا اعتضد بمسند صحيح فالحجة فيه دون المرسل، قيل: صارَا دليلين؛


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) زيادة من (ب)، وأثبتت بهامش (أ).
(٣) معرفة أنواع علوم الحديث (ص ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>