للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسأَلَني بَعْضُ الإِخوانِ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلكَ، فلخَّصْتُهُ في أوراقٍ لطيفةٍ، سمَّيْتُها: «نُخْبَةَ الفِكَر في مُصْطَلحِ أَهلِ الأثَر» على تَرْتيبٍ ابْتَكَرْتُهُ، وَسَبيلٍ انْتَهَجْتُهُ، مع ما ضمَمْتُهُ إِليهِ مِن شوارِدِ الفرائِدِ، وزَوائدِ الفوائدِ.

[قوله] (١): «فسأَلَني بَعْضُ الإِخوانِ أَنْ أُلَخِّصَ لهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلكَ»:

لَمَّا كان كثرة التصانيف في الفنِّ الواحد -وخصوصًا مع بسْطها ومعارضتها ونحو ذلك- مَظِنَّةَ الاختلاف ومحلَّ التبايُنِ [وعدَم] (٢) الائتلاف، وكان المبتدِئُ لا قدرةَ له على تمييز الصواب أو الأَوْلى مِن غيره؛ سألَه القاصرون، أو الماهرون؛ [شفقةً على الغير] (٣)؛ لكمال النصيحة لهم، وليُحِبُّوا لهم ما يُحِبُّون لأنفسهم، على أنهم -أيضًا- رُبَّما انتفعوا بذلك؛ إذْ فوقَ كلِّ ذي حكمةٍ حكيمٌ، وفوقَ كلِّ ذي عِلمٍ عليمٌ، وعدمُ مباشرةِ المتأهِّل لذلك بنفْسِه إمَّا لعدم قَبولِه منه في ظنِّه، وإما لعدم كفايته فيه، فلا يَرِدُ: أنَّه إيثارٌ بالقُرَب (٤).

قال الفاكهانيُّ: «[السؤال أو الالتماس] (٥) يكونان بين المتماثلين، والدعاء من الأدنى للأعلى، والأمر عكسُه» انتهى. وقال صاحب الجُمَل (٦): «اللفظُ المُركَّبُ إنْ دلَّ بالقصد الأوَّلِ على طلب الفعل كان مع الاستعلاء أمرًا، ومع الخضوع سؤالًا، ومع التساوي التماسًا» انتهى. وأهل الأصول جعَلوا هذا التفصيلَ ضعيفًا، بل «افعل»: أمر، و «لا [تفعل] (٧)» نهيٌ مُطْلَقًا، واعتمَدَ النحاة ما ضَعَّفوه، ولكلٍّ وِجهةٌ.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) في (ب): [ومحل عدم].
(٣) في مطبوع قضاء الوطر [شفقة عليهم].
(٤) قضاء الوطر (١/ ٤١٩).
(٥) في هامش (أ): السؤال والالتماس.
(٦) الجمل في المنطق، للخونجي (ص ١).
(٧) في (ب) و (هـ): [لا يعقل].

<<  <  ج: ص:  >  >>