للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِنْ كانتِ المُعارضةُ بِمِثْلِهِ، فلا يَخْلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بين مَدْلولَيْهِما بغيرِ تَعَسُّفٍ أَوْ لَا:

فَإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ، فهو النَّوعُ المُسمَّى: مُخْتَلِفَ الحَديثِ، وَمَثَّلَ لهُ ابنُ الصَّلاحِ بحديثِ: «لَا عَدْوى، ولَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَّةَ، ولَا صَفَر، ولَا غُولَ»، مع حديث: «فِرَّ مِنَ المَجذومِ فِرارَكَ مِنَ الأسَدِ».

وَكَلاهُما في الصَّحيحِ، وَظاهِرُهما التَّعارُضُ!

[قوله] (١): «بِغَيرِ تَعَسُّفٍ»:

فيه إشارةٌ إلى أنَّه إذا لم يمكِن الجمع إلَّا بتعسُّف انتقلنا إلى ما بعده من المراتب؛ لأنَّ ما كان بتعسُّف فلخَصْمٍ أن يَرُدَّه، وهذا القَيد لم يذكره صاحب «جمع الجوامع»، وأقرَّ شارحُه كلامَه، ونصُّ «جمع الجوامع»: «عاطفًا على مدخول الأصحِّ، وأن العمل بالمتعارضين ولو من وجهٍ أَوْلى مِن إلغاء أحدهما» انتهى، قال شارحُه (٢) عَقِبَه ما نصُّه: «بترجيح الآخر عليه، وقيل: يُصار إلى الترجيح» انتهى، ثُمَّ ذَكَر مثاله فقال: «مثالُه حديث التِّرْمِذيِّ وغيرِه: «أيُّما إهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ» (٣)، مع حديث أبي داودَ والتِّرْمِذيّ وغيرهما: «لا تَنتَفِعوا مِنَ المَيْتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ» (٤) الشاملِ للإهاب المدبوغ وغيره، فحمَلْناه على


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٠٥).
(٣) أحمد (١٨٩٥)، والترمذي (١٨٤٥)، وابن ماجه (٣٦٠٩)، وعند مسلم بلفظ «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ».
(٤) أبو داوود (٤١٢٨)، والترمذي (١٧٢٩)، والنسائي (٤٢٥١)، وابن ماجه (٣٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>