للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالأوَّلُ: وهُوَ ما يَنْتَهي إِلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: العُلُوُّ المُطْلَقُ، فَإِن اتَّفَقَ أَنْ يكونَ سندُهُ صحيحًا، كانَ الغايةَ القُصْوى، وإِلَّا فَصُورةُ العُلوِّ فيهِ مَوْجودةٌ ما لم يَكُنْ مَوْضوعًا، فَهُو كالعَدَمِ.

وَالثَّانِي: العُلُوُّ النِّسْبِيُّ، وهُوَ ما يقلُّ العَددُ فيهِ إِلى ذَلكَ الإِمامِ، ولو كَانَ العَددُ من ذلك الإِمامِ إِلى مُنْتهاهُ كَثيرًا.

وقَدْ عَظُمَتْ رَغْبةُ المُتأَخِّرينَ فِيهِ حتَّى غَلَبَ ذَلكَ على كثيرٍ مِنْهُم، بحيثُ أَهْمَلوا الاشْتِغالَ بمَا هُوَ أَهَمُّ منهُ.

وَإِنَّما كَانَ العُلوُّ مَرْغوبًا فِيهِ؛ لكونِهِ أَقربَ إِلى الصِّحَّةِ، وقِلَّةِ الخطإِ؛ لأنَّهُ ما مِنْ رَاوٍ مِن رجالِ الإِسنادِ إِلَّا وَالخطأُ جَائزٌ عَلَيْهِ، فكلَّما كَثُرتِ الوسائطُ، وطالَ السَّندُ، كَثُرَتْ مَظانُّ التَّجويزِ، وَكُلَّما قَلَّتْ، قَلَّتْ.

فإِنْ كَانَ في النُّزولِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ في العُلوِّ؛ كأَنْ يكونَ رجالُهُ أَوثقَ منهُ، أَو أَحفَظَ، أَو أَفقهَ، أَو الاتِّصالُ فِيهِ أَظهرَ، فلا تَردُّدَ في أَنَّ النُّزولَ حِينَئذٍ أَوْلَى.

[قوله] (١): «فالأول والثاني ... إلخ»:

اعلم أن أبا الفضل بن طاهر (٢) وابن الصَّلاح (٣) قَسَّما العلو أقسامًا خمسة، وإن اختلف كلٌّ منهما في ماهيَّة بعضها، منها القِسمان المذكوران هنا. والثالث: القُرْب إلى إمامٍ من أرباب الكتب الستة.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) مسألة العلو والنزول، لابن طاهر (ص ٧٥).
(٣) مقدمة ابن الصلاح (ص ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>