للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا اخْتِصارُ الحَديثِ؛ فالأكْثَرونَ على جَوازِهِ بِشرطِ أَنْ يكونَ الَّذي يختَصِرُهُ عَالِمًا؛ لأنَّ العالِمَ لا يَنْقُصُ مِن الحديثِ إِلَّا ما لَا تَعلُّقَ لَهُ بما يُبْقيهِ منهُ؛ بحيثُ لا تختِلفُ الدَّلالةُ، ولا يختَلُّ البَيانُ، حتَّى يكونَ المَذكورُ والمَحذوفُ بمَنزِلَةِ خَبَرينِ، أَو يَدُلُّ ما ذَكَرَهُ عَلَى ما حَذَفَهُ، بخِلافِ الجاهِلِ، فإِنَّهُ قد يَنْقُصُ ما لَهُ تعلُّقٌ؛ كتَرْكِ الاستِثْناءِ.

وَأَمَّا الرِّاويةُ بالمَعْنى؛ فالخِلَافُ فيها شَهيرٌ، والأكثرُ على الجَوازِ أَيضًا، ومِن أَقوى حُجَجهِم: الإِجماعُ على جَوازِ شرحِ الشَّريعةِ للعَجَمِ بلسانِهِم للعارِفِ بهِ، فإِذا جازَ الإِبدالُ بلُغةٍ أُخرى، فجوازُهُ باللُّغةِ العربيَّةِ أَوْلَى.

وَقيلَ: إِنَّما يَجُوزُ في المُفْرَداتِ دونَ المُرَكَّباتِ.

[قوله] (١): «فالأَكْثَرُونَ ... إلخ»:

مقابلُ قول الأكثرين قولان؛ أحدهما: المَنْع مُطْلَقًا؛ لأنَّ رواية الحديث ناقصًا تقطعُه وتغَيِّره عن وجهه، وثانيهما: الجواز إنْ أتمَّ إيراد الحديث منه أو مِن غيره مرةً أخرى؛ ليُؤمَن (أ/١٢٥) بذلك من تفويت حُكْمٍ أو نحوه، وإلَّا فلا، ولو جوَّز قائله الرواية بالمعنى -كما قاله ابن الصَّلاح وغيره- فليس في المسألة على هذا عند الشارح إلَّا ثلاثة أقوال: المنع مُطْلَقًا، والجواز كذلك، والتفصيل؛ لأنَّه جَعَل موضوع الخلاف: اقتصار العالم بمدلولات الألفاظ وبما يخل المعنى، فلا يتأتَّى القول الرابع وهو: جواز ذلك للعالم دون غيره، وهذا ما حرره المؤلِّف في غير هذا الكتاب معترِضًا به على العراقيِّ في الرابع بقوله:


(١) زيادة من: (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>