للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقيلَ: إِنَّما يَجُوزُ لمَن يستَحْضِرُ اللَّفْظَ ليتَمَكَّنَ مِن التَّصرُّفِ فِيهِ.

وَقيلَ: إِنَّما يَجوزُ لمَن كانَ يحفَظُ الحَديثَ، فنَسِيَ لفظَهُ، وبَقيَ معناهُ مُرْتَسمًا في ذِهنِهِ، فلهُ أَنْ يروِيَهُ بالمعنى لمصلَحَةِ تحصيلِ الحُكْمِ منهُ بخِلافِ مَنْ كانَ مُسْتَحْضِرًا لِلَفْظِهِ.

وَجَميعُ ما تقدَّمَ يتعلَّقُ بالجَوازِ وعَدَمِهِ، ولا شكَّ أَنَّ الأَوْلى إِيرادُ الحَديثِ بأَلفاظِهِ دُونَ التَّصرُّفِ فيهِ.

قَالَ القَاضي عِياضٌ: «يَنْبَغِي سَدُّ بابِ الرِّاويةِ بالمَعْنَى؛ لئلَّا يتَسَلَّطَ مَن لَا يُحْسِنُ ممَّن يظنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ، كما وقَعَ لِكثيرٍ مِن الرُّواةِ قديمًا وحَديثًا»، واللهُ المُوَفِّقُ.

فَإِنْ خَفِيَ المَعْنَى بأَنْ كَانَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا بقِلَّةٍ، احْتيجَ إِلى الكُتُبِ المُصنَّفَةِ في شَرْحِ الغَريبِ؛ ككتابِ أَبي عُبَيْدٍ القاسِمِ بنِ سلامٍ، وهو غيرُ مُرتَّبٍ، وقد رتَّبَهُ الشيخُ مُوفَّقُ الدِّينِ ابنُ قُدامَة على الحُرُوفِ.

وأَجْمَعُ منهُ كتابُ أَبي عُبيدٍ الهَرَوِيِّ، وقد اعتَنَى بهِ الحافظُ أَبو موسى المَدينِيُّ، فنَقَّبَ عليهِ واسْتَدْرَكَ.

وَللزَّمَخْشَرِيِّ كتابٌ اسمُهُ: «الفائِقُ»، حَسَنُ التَّرتيبِ.

ثمَّ جَمَعَ الجَميعَ ابنُ الأثيرِ في «النِّهايةِ»، وكتابُهُ أَسْهَلُ الكُتُبِ تَناوُلًا، مع إِعوازٍ قليلٍ فيهِ. وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُستَعْملًا بكثرةٍ، لَكنَّ في مَدلُولِهِ دِقَّةً، احْتِيجَ إلى الكُتُبِ المُصنَّفَةِ في شَرْحِ مَعَاني الأخْبارِ، وبيانِ المُشْكِلِ منها.

وقَدْ أَكثرَ الأئمَّةُ مِن التَّصانيفِ في ذلك؛ كالطَّحاويِّ، والخَطَّابيِّ، وابنِ عبدِ البَرِّ، وغيرِهم.

[قوله] (١): «وقيل: يجوز لمَنْ يَستحضِرُ اللَّفظَ ... إلخ»:

المناسب أن يقول: لمن يَستحضِر اللفظ والمعنى؛ إذ من يستحضر اللفظ ولا


(١) زيادة من: (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>