للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بَعْدُ:

فإِنَّ التَّصانيفَ في اصْطِلاحِ أَهلِ الحَديثِ قَدْ كَثُرَتْ للأئمةِ في القديمِ والحَديثِ: فَمِن أَوَّلِ مَن صَنَّفَ في ذَلكَ: القَاضي أَبو مُحمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ في كتابِهِ: «المُحدِّث الفَاصل»، لَكنَّه لَمْ يَسْتَوْعِبْ.

[قوله] (١): «أمَّا بَعدُ»:

«أمَّا» حرف فيه معنى الشرط، بدليل لزوم الفاء لجوابه غالبًا، نحو: أمَّا زيد فمُنطلقٌ.

و «بَعدُ» ظرف مكان مقطوعٌ عن الإضافة لفظًا لا معنًى؛ ولذا بُني على الضمِّ، أي: بعد البَسملة والحمدلة والصلاة على رسوله، وتُستعمل في الخُطب والكلام الفصيح؛ لقَطْعِ ما قبلها عمَّا بعدها، وفي أول مَن نطق بها اختلافٌ (٢)، وتُستعمل مع «أمَّا» كما هنا؛ فدخول الفاء بعدها مع «أمَّا» واضح لِما تضمَّنته «أمَّا» مِن معنى الشرط، ومع عدمها [فإمَّا] (٣) على توهُّم «أمَّا» والواو استئنافية؛ وعليه فالعامل في «بعد» الفعلُ المقدَّر، أي: بعد كذا وكذا فأقولُ. أو على تقدير «أمَّا» في نَظْم الكلام، والواو عِوضٌ منها أو دون تعويض؛ وعليه فعامل «بَعد»: «أمَّا» المحذوفة؛ لنيابتها عن فعل الشرط، أو فعل الشرط نفسه المقدَّر بـ: مهما يكنْ من شيء بعد البسملة والحمدلة والصلاة على النبيِّ فإنَّ ... إلخ.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) ينظر: فتح الباري، لابن رجب (٨/ ٢٥١)، فتح الباري، لابن حجر (٢/ ٤٠٤).
(٣) في (هـ): [مع].

<<  <  ج: ص:  >  >>