للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ خُولِفَ -أَيْ: الرَّاوي- بأرْجَحَ منهُ؛ لمزيدِ ضَبْطٍ، أَوْ كثرةِ عدَدٍ، أَو غيرِ ذَلكَ مِن وُجُوهِ التَّرجيحاتِ، فالرَّاجِحُ يقالُ لهُ: المَحْفوظُ، ومُقابِلُهُ -وهو المرجوحُ- يُقالُ لهُ: الشَّاذُّ.

مثالُ ذلك: ما رَواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجَة مِنْ طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دينارٍ، عن عَوْسَجة، عن ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما-: أَنَّ رجُلًا تُوُفِّي في عهدِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا مَوْلًى هو أَعتقَهُ ... الحديثَ.

وَتابَعَ ابنَ عُيَيْنَةَ على وَصْلِهِ: ابنُ جُريجٍ وغَيرُه.

وَخَالفَهُم حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، فرَواهُ عَنْ عَمْرو بنِ دينارٍ، عَن عَوْسَجَةَ، ولم يَذْكُرِ حديث ابنَ عباسٍ.

قال أبو حاتمٍ: المَحفوظُ حديثُ ابنِ عُيَيْنَةَ. اهـ. كلامُهُ.

فَحمَّادُ بنُ زيدٍ مِن أَهلِ العدالةِ والضَّبطِ، ومعَ ذلك رجَّحَ أبو حاتمٍ روايةَ مَن هُمْ أَكثرُ عددًا منهُ.

وعُرِفَ مِن هذا التَّقريرِ أَنَّ: الشَّاذَّ: ما رَواهُ المقْبولُ مُخالِفًا لِمَنْ هُو أَوْلَى مِنهُ.

[قوله] (١): «فإنْ خُولِفَ»:

فيه شِبهُ استخدام، والتقدير: فإن وقعت المخالفةُ برواية راوٍ أرجَحَ مُطْلَقًا لا بقَيْدِ كونِه راوي الصحيح أو الحَسَن، ولا يَخْفى أنَّ هذا كالتفصيل لإجمالٍ ذهنيٍّ يجري هنا مما قبْله لصدقه كما مَرَّ بمخالفته لأرجَحَ، وبمخالفته لمثله، وبمخالفته لِأَدْوَنَ منه، وبعض هذه (هـ/٩٥) الصوَرِ لها لقبٌ يخصُّها، وليس هذا محل بيانه، ثُمَّ إطلاقه المخالفة شاملٌ للزيادة والنقص، سواءٌ كانت في السَّند أو في المَتْن.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>