للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

على الكذب، أو وقوعَه منهم اتفاقًا، ووصَل منهم إلينا بطريق التواتر، فلا بدَّ من هذه الأمور في تحقيق ما ادَّعاه من وجود المتواتر وجودَ كثرة، وكلٌّ منها في محل المنع، وقد أشار ابن أبي شريف إلى البحث في كلام الشارح بما يهدي إلى هذا، فإنه قال (١): «لا يَلْزم من القطع بصحة نسبة الكتب إلى مصنِّفيها كونُ ذلك القطع حاصلًا عن التواتر، فقد يحصل بخبر الآحاد المحتَفِّ بالقرائن، وإلا فهذا صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى لا يُروى الآن بالسماع المتصل إلا عن الفَرَبْري، بل وغالب الكتب المشهورة لا تبلغ فيما نعلم رُواتها عن مؤلفيها (أ/٣٠) الذين يتصل الإسناد في عصرناإليهم سماعًا عدد التواتر، ويجاب بأنَّ كون من عُلِمت رُواتُه دون التواتر لا يستلزم كونَ الرواة في كل عصر أو في بعضِ الأعصار دون عدد التواتر، فكم مِنْ سامعٍ مات قبل أنْ يُسمَعَ منه، وكم مِنْ مُسمِعٍ لم يضبط جميع مَن سمِع منه، بل ولا أحد منهم في طبقة سماع فمات ذُكِرَت روايته لموته، وهكذا في كل عصر، كما أُجيبَ بمثل ذلك عما أورِد على القول بتواتر القرآن العزيز بالقرائن المعروفة مع انحصارها في السبعة أو العشرة، بل سمع الصحيح من البخاري غير الفرَبْري عدَدٌ بلغ التواتر، غير أنَّ الفرَبري تأخرت وفاته فعَكَفَ النَّاسُ على الأخذ عنه».

وقوله: «في الأحاديثِ»: تصريحٌ بمحِل النزاع؛ إذ وُجودُه بكثرة في غيرها متفَق عليه.

وقال (هـ) (٢): «ولا شكَّ أنَّ المستفاد من هذا الكلام وما بعده دعوى أنَّ المتواتر موجودٌ لا دعوى أنَّه ممكن الوجود».


(١) حاشية ابن أبي شريف (ص ٣٤)، وما بعدها.
(٢) قضاء الوطر (١/ ٥٤٤) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>