ومِنهُم: الأميرُ سودوب القاضي، وَلِيَ نظرَه سنةَ ٨١٨ هـ.
أمَّا تلك الرِّياسةُ الدِّينيَّةُ العلميَّةُ، فَعرفَها الأزهرُ في العهدِ التُّركيِّ بلقبِ «شَيخِ الأَزهرِ».
لمَّا دَخلَ الأتراكُ العُثمانيُّون مصرَ، سَارُوا على نَهجِ مَن سَبقَهم مِن سَلاطينِ مصرَ وأُمرائِها، فَحافَظُوا على الأَوضاعِ المَرعيَّةِ في الأزهرِ، وَاهْتَموا برعايةِ شؤونِهِ، والسَّهرِ على مصالحِ أهلِه، واقتدَى الوُلاةُ العُثمانيُّون بسَلاطينِ آلِ عثمانَ، فَعرفُوا لهذا المَعهدِ العلميِّ الدِّينيِّ الإسلاميِّ حقَّه من الرِّعايةِ والتَّقديرِ، وجَدَّدوا به كلَّ دارسٍ، وزَادوا في عمارتِهِ، ووَسَّعوا من رُقعتِهِ، وأَوْقفَ الأُمراءُ، والوُلاةُ، وكبارُ رجالِ الدَّولةِ، والأعيانُ، الكثيرَ مِنَ الأموالِ والأملاكِ، والعَقاراتِ على علمائِهِ وطلبتِهِ، فَاتَّسعتْ إدارتُهُ، وتَشعَّبت مصالحُ أهلِهِ، وأَصبحَت الحَاجةُ ماسَّةً إلى وُجودِ شخصٍ يتفرَّغُ للإشرافِ على شُؤونِ هذا المَعهدِ؛ الدِّينيَّةِ والإداريَّةِ معًا، ويكونُ رئيسًا لشُيوخِ المَذاهبِ والأَرْوقةِ، وَسائرِ عُلماءِ الأزهرِ وطُلَّابهِ، ومَسؤولًا مباشرةً أمامَ الوُلاةِ والسَّلاطينِ، وحَلقةَ اتِّصالٍ بينَ الحُكومةِ وأقسامِ الأزهرِ، فَاسْتَحسنت الدَّولةُ العليَّةُ قُبيلَ نهايةِ القرنِ الحادي عشرَ الهجريِّ أن يُعيِّنَ للأزهرِ شيخَ عمومٍ، يُديرُ شُؤونَه، ويُراقبُ أُمورَه مِن تَعاليمَ وغَيرِها، ويُلقَّبُ: بـ «شَيخِ الجامعِ الأزهرِ».
ومُنذُ العهدِ التُّركيِّ العثمانيِّ والجامعُ الأزهرُ يحتفظُ بهذه الوَظيفَةِ، الَّتي تطوَّرت مَظاهرُها، واتَّسعَت اختصاصَاتُها على حسَب تَطوُّراتِ الزمنِ، ومُقتَضياتِ الظُّروفِ والأَحوالِ، حتَّى آلَتْ إلى ما هي عَلَيه الآن، ولقَد تَوالَى على هذِهِ الرِّياسةِ منذ إِنْشائِهَا حتَّى الآن خَمسُونَ شيخًا، وأَوَّلُهم الشَّيخُ الخرشيُّ -رحمه الله- (١).
(١) الأزهر في ألف عام (١٤٢٧) (١/ ٢٣٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute