للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَمَّا ما نُقِلَ عَن أبي عليٍّ النَّيْسابوريِّ أَنَّهُ قَالَ: «ما تَحتَ أَديمِ السَّماءِ أَصحُّ مِن كِتَابِ مُسْلمٍ»، فلمْ يُصَرِّحْ بكونِهِ أَصحَّ مِن «صحيحِ البُخاريِّ»؛ لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى وُجودَ كِتَابٍ أَصحَّ مِن كتابِ مسلمٍ؛ إِذ المَنْفِيُّ إِنَّما هُو ما تَقْتَضيهِ صيغَةُ «أَفْعَلَ» من زِيادَةِ صِحَّةٍ في كتابٍ شارَكَ كتابَ مُسْلمٍ في الصِّحَّةِ، يَمْتازُ بتلكَ الزِّيادَةِ عليه، ولم يَنْفِ المُساواةَ.

وَكَذلكَ ما نُقِلَ عنْ بعضِ المَغارِبَةِ أَنَّهُ فَضَّلَ «صَحيحَ مُسْلمٍ» على «صحيحِ البُخاريِّ»، فَذَلكَ فيما يرجِعُ إِلى حُسْنِ السِّياقِ، وجَوْدَةِ الوَضْعِ والتَّرتِيبِ.

ولم يُفْصِحْ أَحدٌ منهُم بأَنَّ ذَلكَ راجِعٌ إِلى الأَصحِّيَّةِ، ولو أَفْصَحوا به لَردَّهُ عَليهِمْ شاهِدُ الوُجودِ.

[قوله] (١): «أَدِيم السَّماءِ»:

الأديم: الجلد المدبوغ، والمراد هنا: جِرمُ السماء المُشْبِهُ لأديم الحيوان.

قوله: (أ/٦٣) «فلم يُصَرِّحْ»:

أي: لغةً، وإلَّا فتلك الصيغة مفيدة للتفضيل عُرْفًا؛ لأنَّ عُرْف زمانهم كان موافقًا للغة.

[قوله] (٢): «لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى ... إلخ»:

هذا مبنيٌّ على أنَّ النَّفي إذا دخل على كلام مُقَيَّدٍ بقَيْدٍ تَوَجَّه إلى ذلك القَيْد، وهو [غير] (٣) مُتعَين عندهم عند الإطلاق، بل يجوز رجوعُه للمُقيَّد أيضًا، كما يجوز


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) زيادة من: (أ) و (ب).
(٣) في (ب) و (هـ): [على [.

<<  <  ج: ص:  >  >>