للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإمَّا لإيهام المدَلِّس أنَّه يروي ذلك الحديث عن عدة شيوخ، كما كان الخطيب يفعله، وفعَلَه أيضًا أبو بكر بن مجاهد المقرئُ، فقد قال: حدَّثَنا عبد الله ابن أبي عبد الله، يريد به: الحافظ عبد الله بن أبي داود السِّجِسْتانيَّ.

كما سكتَ أيضًا عن تدليس التَّسوية، المعبَّر عنه عند القدماء بـ: التجويد، فحيث قالوا: جوَّد فلانٌ الإسنادَ، فإنما يريدون: ذكَرَ فيه من الأجواد وحذَفَ الأدنياء، وهو أن يرويَ حديثًا عن ضعيف بين ثقتين لَقِيَ أحدُهما الآخَرَ، فيُسقط المدلِّسُ الضعيفَ، ويروي الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني، ولعله إنَّما سكت عنهما؛ لرجوع الأول للرواية عن المجهول، والثاني لتدليس الإسناد كما صرح به المؤلِّف في الثاني، حيث جعَلَه نوعًا من تدليس الإسناد ... إلخ.

ثُمَّ إنَّه يثبت التدليسُ بمَرةٍ، فمن عُرف به مَرةً لا يُقبَلُ مع ما تُقبل من أهل النصيحة في الصِّدق، حتى يقول: سمِعتُ أو حدَّثَني، وذلك بثبوت تدليسه مرة صار ذلك ظاهر حاله في مُعَنعَناتِه، كما أنَّه بثبوت اللقاء مَرةً صار ظاهرُ حالِه السَّماعَ، كما قاله الشافعيُّ، ويؤخَذُ من كلامه أنَّه في تدليس الإسناد، وعليه حمله بعضُهم، والظاهر أنَّه لا فرق بينه وبين بقية الأقسام.

ثُمَّ إنَّ التدليس بسائر أقسامه مذمومٌ؛ فقد روى الشافعيُّ (١) عن شُعبةَ بنِ الحَجَّاج أنَّه قال: التدليسُ أخو الكذب. ومراتبُ الذمِّ فيه متفاوتةٌ، انظر شرح الألْفيَّة (٢). (هـ/١٢٢)


(١) الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص ٣٥٥)، حلية الأولياء (٩/ ١٠٧).
(٢) شرح التبصرة والتذكرة (١/ ٢٤٠)، فتح المغيث (١/ ٢٣٦)، فتح الباقي (١/ ٢٢٩)، شرح ألفية العراقي لابن العيني (ص ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>