للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قوله: «قديرًا»:

أي: ذا قدرة تامَّة، وهي صفةٌ تؤثِّر في [المقدور] (١) عند تعلُّقها به، والمراد بالمقدور: الممكن؛ فالمستحيل والواجب كلٌّ منهما لا تتعلق به القُدرةُ، لا لقصورٍ وعجْز فيها، بل لعدم قابليَّتِها لها؛ فلم يَصلُحا محِلًّا لتعلُّقها بهما (٢).

وعدَلَ عن: «قادر» إلى «قدير»؛ للسجع، ولا يقال: لقصد التنبيه على تمام القدرة؛ لئلَّا يَرِدَ عليه أنَّه ينبغي إبدال: «عالمًا» بـ «عليم».

وقوله: «الذي ... إلخ» (٣):

نعْتٌ لله، ولا يخفاك أنَّ هذا النعتَ يصحُّ أن يكون محمودًا به ومحمودًا عليه؛ إذ هُما في بعض المواضع قد يتَّحِدان ذاتًا، ويختلفان اعتبارًا، كما قالوا في حمْدِنا له تعالى على ذاته وعلى صفاته الذاتيَّة.


(١) في (هـ): [المقدورات].
(٢) الأصلُ عدمُ التعرُّضِ لمِثْلِ هذا، فالله -سبحانه وتعالى- قادرٌ على أَنْ يخلق كُلَّ شيءٍ بدون استثناءٍ ممَّا يَسبِقُه العدمُ القابلُ للخِلْقَة، وهو ما يُسَمَّى بالمُمْكِنِ الجائز كالعالَمِ وسائرِ أجزائه، والمستحيلُ لذاته ليس بشيءٍ في الخارج وإنما في الذهن، فالحاصل أنَّ قدرة اللهِ تعالى لا تتعلَّقُ بالمستحيلات ولا تَليقُ به سبحانه على جهةِ الفعل؛ لأنَّ المستحيل والمعدومَ ليس بشيءٍ ولا وجودَ له حتَّى يكون مشمولًا بقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٢٠].
علمًا أنه لا يَمتنِعُ على إرادة الله وقدرتِه شيءٌ على جهةِ العجز، سواءٌ كانَتْ مُمْكِناتٍ أو متضادَّاتٍ أو مُتقابِلاتٍ أو مستحيلاتٍ، وإنما لا تتعلَّق قدرةُ الله بالمستحيلات ولا تَليقُ به مِنْ جهةِ الفعل؛ لأنها ليسَتْ بشيءٍ ولا وجودَ لها؛ فنُثْبِتُ لله سبحانه الإرادةَ والقدرةَ المُطْلَقتين؛ وننفي عنه ما لا يَليقُ به سبحانه.
(٣) تقديم وتأخير من الشارح، والأصل أن تؤخر قبل قول الماتن (عليما).

<<  <  ج: ص:  >  >>