علة لتحريم رواية الموضوع، بل فيه دلالة على أعم من ذلك؛ لأن قضية كلامهم: أنَّ الحرمة منوطة بِعِلْم الوَضْع فلا يفهم منه تحريم رواية ما ظنَّ أنَّه موضوع، وفي الحديث دلالة على تحريمها؛ لأنَّ معنى قوله:«يُرى» مبنيًّا للمفعول: يُظَنُّ، كما فسَّره بذلك العلماء، وهو في الحديث أشهر من الفتح الذي معناه: يَعْلَم، وقوله:«فهو أحَدُ الكاذبين»(١) جُوِّز فيه التثنية باعتبار: المفتري والناقل، والجمع باعتبار: كثرة الناقلين.
فإِنْ قُلْتَ: قضية الحديث المَنع ولو مع البيان، قُلْتُ: ممنوع؛ إذ قوله:«أحد الكاذبين» يرشد إلى عدم البيان؛ لأنَّه معه لا ينسب إليه الكذب.
وقوله:«أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ»:
أي: رواه في صحيحه.
وفي كتابة:«يرى» بضم الياء وفتح الراء، بمعنى: يُظَنُّ، وبفتحها بمعنى: يَعْلم، وضمير «أنَّه» للحديث لا لِمَنْ حدَّث كما توهَّمه شارح «المشارق»؛ فلا حاجة إلى تقدير المضاف أي: ذو كذب، أو جَعل المصدر بمعنى الفاعل، ثُمَّ قوله:«كِذْب» بكسر الكاف (أ/١١٣) وسكون الذال، وبفتحها وكسر الذال، وفي «المشارق»: «وهو يرى» الواو للحال.