للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والتصنيف والتأليف واحد في المعنى، مُختلِفان في اللفظ كسائر المترادفات. وقيل: مختلفان؛ فالتصنيف: اختراع عِلم واصطلاح مِن عند نفْسه، والتأليف: جمع كلامِ الغَير.

والاصطلاح: هو مصدر اصطلح على كذا، فهو من باب الافتِعال؛ أُبدِلت تاؤه طاءً؛ لتعسُّر النطق بها بعد حرف الصفير، وهو بمعنى المفعول كما يأتي تعبيرُ المتن به، أي: المُصطلَح عليه بين أهل الحديث مِن استعمال الألقاب الخاصة في مُسمَّياتها الخاصَّة؛ كالمُرسَل والموقوف، وكالإجازة والسَّماع، وكالآحاد والمُتواتر، وكالجَرْح والتعديل، مُستَعمَلات في معانٍ عرفيَّة خاصَّة تنصرف إليها بيْنهم عند الإطلاق، وهذا معنى قول القائل: «الاصطلاح: اتِّفاق قومٍ على تسمية الشيء باسمٍ نُقل عن موضوعه الأول»، ثم المراد أنَّ الكتُب المذكورةَ اشتملت على الاصطلاح لا أنَّها قُصِرتْ عليه؛ لاشتمالها على أحوال الرِّجال والعِلَل، وغيرِ ذلك، ولا يخفى أنَّ «في» هنا مستعارةٌ للدَّلالة بأن شبه الارتباط الذي بين الدالِّ والمدلول بالارتباط الذي بين الظرف والمظروف، ثم استُعملت فيه لفظة «في»، وأشار السَّعْدُ (١) في بعض تعاليقه إلى تقدير مضافٍ بعدها، أي: في بيان علم اصطلاح؛ مبالغةً، كأنَّ البيان عمَّ جميعَه حتى صار ظرفًا للتصانيف.

وفي كتابة أخرى:

«الاصطلاح: اتِّفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما يُنقل عن موضوعه الأول»، وليس المراد هنا مجردَ الاصطلاح (أ/٤) المذكور، بل مع المشتَمِل على أحوال الرجال والعِلل، ونحو ذلك مما يصير به الرجل نَقَّادًا كما يأتي،


(١) سعد الدين التفتازاني (المتوفى: ٧٩٢ هـ) وكتابه هو شرح لتلخيص مفتاح العلوم لجلال الدين القزويني.

<<  <  ج: ص:  >  >>