للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثَالُ المرفوعِ مِن القولِ حُكْمًا لا تَصْريحًا: أَنْ يقولَ الصَّحابيُّ -الَّذي لم يأْخُذْ عَنِ الإِسرائيليَّاتِ- ما لا مَجالَ للاجْتِهادِ فيهِ، ولا لهُ تَعلُّقٌ ببَيَانِ لُغةٍ، أَو شرحِ غريبٍ؛ كالإِخْبارِ عنِ الأمورِ الماضيةِ مِن بدْءِ الخَلْقِ، وأَخْبارِ الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام، أَو الآتيةِ كالملَاحِمِ والفِتَنِ، وأَحوالِ يومِ القيامةِ.

وَكَذا الإِخْبارُ عمَّا يحْصُلُ بفِعْلِهِ ثوابٌ مَخْصوصٌ، أَو عِقابٌ مَخْصوصٌ.

وإِنَّما كَانَ لهُ حُكْمُ المَرفوعِ؛ لأنَّ إِخبارَهُ بذلك يقتَضي مُخْبِرًا لهُ، وما لا مَجالَ للاجتِهادِ فيهِ يَقتَضي مُوقِفًا للقائلِ بهِ، ولا مُوقِفَ للصَّحابَةِ إِلَّا النبيُّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، أَو بعضُ مَن يُخْبِرُ عَن الكُتُبِ القديمةِ، فلهذا وقعَ الاحْتِرازُ عنِ القسمِ الثَّاني، وإِذا كَانَ كذلك، فلهُ حُكْمُ ما لو قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فهُو مَرْفوعٌ؛ سواءٌ كانَ ممَّا سمِعَهُ منهُ أَو عنهُ بواسِطةٍ.

[قوله] (١): «ومِثالُ المرفوعِ حُكْمًا ... إلخ»:

«مِثال» مبتدأ، و «ما يقول ... إلخ» خبره، و «حكمًا من المرفوع» ولعله لأنَّ المضاف في حُكم الخبر، إذ لو قلنا: المرفوع قول الصحابي ... إلخ صحَّ المعنى واستقام اللفظ أيضًا، والظاهر أنَّ «ما» من: «ما يقول» مصدريَّة، ومن قوله: «ما لا مجال ... إلخ» موصولة أو موصوفة معمولة ليقول، أو مدلولها الحُكْم، وإنْ كان لا يُقال، لكن يُقال اللفظ الدالُّ عليه، وقد يُحْمل على الحديث وهو يُقال، والظاهر -كما قاله بعضهم- نفي الحالية ظاهرا من غير تكلُّف، وهو حَسَنٌ لا بأس به.

و «الاجتهاد» هنا: بَذْلُ الوُسْع في تحصيل العِلْم بحُكمٍ شرعيٍّ، ومِثال الصحابي الذي لم يأخذ عن الإسرائيليَّات: الخلفاء الأربعة، ومثال من أَخَذَ منها عنهم: عبد الله بن سَلَام، قيل: وعبد الله بن عمرو بن العاصي؛ فإنَّه لمَّا فُتِح الشام


(١) زيادة من: (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>