للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ جَاءَ بَعْدَهم الخَطيبُ أبو بَكْرٍ البَغْدَاديُّ، فَصنَّفَ في قَوَانينِ الرِّوايَةِ كتابًا سَمَّاه: «الكفايةَ»، وفي آدَابِهَا كتابًا سَمَّاه: «الجَامعَ لآدابِ الشَّيْخِ والسَّامِعِ».

وَقَلَّ فَنٌّ مِن فُنُونِ الحَدِيثِ إِلَّا وقَدْ صَنَّفَ فيهِ كتابًا مُفْرَدًا، فكانَ كَمَا قَالَ الحَافظُ أبو بكرِ بنُ نُقْطَةَ: «كلُّ مَنْ أَنْصَفَ، عَلِمَ أَنَّ المحَدِّثينَ بعدَ الخَطيبِ عِيالٌ على كُتُبِهِ».

ثمَّ جاءَ بعدَهُم بَعضُ مَن تَأَخَّرَ عنِ الخطيبِ، فأَخَذَ مِن هذا العلمِ بنَصيبٍ:

فجمَع القاضي عِياضٌ كتابًا لطيفًا سمَّاهُ: «الإِلْماع».

[قوله] (١): «ثم جاء بعدَهم الخطيبُ أبو بكر البَغداديُّ فصنَّف في قوانين الرواية كتابًا سماه: الكِفاية»: أي: ثم جاء بعد جميعِهم الحافظُ الخطيب أبو بكر أحمد بن عليِّ بن ثابت البغداديُّ الفقيه [الشافعي] (٢)، فصنَّف في قواعد الرواية كتابًا سماه: «الكفاية في قوانين الرواية».

«وفي آدابها كتابًا» آخَرَ «سماه: الجامع لآداب الشيخ والسامع» أي: سماه بمجموع الموصوف والصفة، «وقَلَّ فنٌّ» أي: نوع [إلا تفرع] (٣)، «من فُنون الحديث إلَّا وقد صنَّف فيه كتابًا مفردًا» حتى زادت تصانيفه على الخمسين؛ «فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نُقْطة:» بضم النون وسكون القاف، «كلُّ مَن أَنصَفَ» من الإنصاف، وهو: «العدل في القول والفعل»، «عَلِمَ» أي: اعتقَد اعتقادًا جازمًا مطابقًا، «أنَّ المُحَدِّثين» الذين وُجدوا، «بَعدَ الخطيب عِيَالٌ على كُتبه» أي: محتاجون لمن يعطيهم كفايتهم ويقوم بهم في هذا الشأن، وقد كفاهم مُؤنَةَ ذلك؛ حيث لم يَحتاجوا مع وجود كُتبه إلى غيرها، وعالَ اليتيمَ: إذا قام بكفايته.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) في (هـ): [الشامي].
(٣) زيادة من (هـ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>