للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ؛ لأنَّهُ هُو الجادَّةُ المسلوكةُ الغالبةُ.

ومِنْهُ: مَنْ رَوى عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ.

وَفَائدةُ معرِفَةِ ذَلكَ: التَّمييزُ بَيْنَ مَرَاتِبِهمْ، وتَنْزيلُ النَّاسِ مَنازِلَهُمْ.

وقَدْ صَنَّفَ الخَطيبُ في راويةِ الآباءِ عنِ الأبناءِ تصنيفًا، وأَفردَ جُزءًا لطيفًا في روايةِ الصَّحابةِ عن التَّابِعينَ.

وجَمَعَ الحافظُ صلاحُ الدِّينِ العَلائيُّ -مِن المتأَخِّرينَ- مُجلَّدًا في معرفةِ مَن رَوَى عن أَبيهِ، عن جدِّهِ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وَقسَّمهُ أَقسامًا، فَمِنْهُ ما يعودُ الضَّميرُ في قولِهِ: «عن جدِّهِ» على الرَّاوي، ومنهُ ما يعودُ الضَّميرُ فيهِ على أَبيهِ، وبيَّن ذلك وَحقَّقَهُ، وَخرَّج في كلِّ ترجمةٍ حديثًا مِن مرويِّهِ.

وقد لَخَّصتُ كتابَه المذكورَ، وَزِدْتُ عليهِ تَراجِمَ كثيرةً جدًّا، وأَكثرُ ما وقعَ فيهِ ما تَسلْسَلَتْ فيهِ الرِّوايةُ عن الآباءِ بأَربعةَ عشرَ أَبًا.

[قوله] (١): «وفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ»: أي: عكس رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو رواية الأصاغر عن الأكابر، ومنه رواية الأبناء عن آبائهم، أي: ما لم تكن من أبناء أعلى قَدْرًا، هذا ينبغي، وجعله (أ/١٦٣) راجعًا لقوله: «ومنه الأبناء عن الآباء» فيه قصورٌ، وليس منه الحديث الذي رواه بعضهم عن أبي بكر الصديق، عن عائشة، عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: «في الحبة السوداء شفاء من كل داء» (٢)، فإنَّه غُلِّط في ذلك من زَعَم فيه ذلك؛ إذ من روى عن عائشة ليس هو أبو بكر الصديق، بل هو أبو بكر بن أبي عَتِيقٍ، واسم أبي عَتِيقٍ: محمد، واسم أبيه: عبد الله، فهو عبد الله، المُكنَّى بأبي بكر، ابن محمَّد المُكنَّى بأبي عتيقٍ، ابن عبد الرحمن بن أبي بكر


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) البخاري (٥٦٨٨)، ومسلم (٢٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>