للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال السعد (١): «وإنما قلنا بحسَب الظاهر؛ لأنه لو كان أقلَّ مما يقتضيه المقام ظاهرًا وتحقيقًا لم (أ/٧) يكن في شيء مِن البلاغة مثال الإطلاق الثاني: قوله تعالى: [قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا] {مريم: ٤}، فإنه إطنابٌ بالنسبة إلى المتعارَف، أعني قولنا: يا ربِّ شِخْتُ، وإيجاز بالنسبة إلى مقتضى المقام ظاهرًا؛ لأنَّه في مقام بيانِ انقراض الشباب وإلمام المَشيب، فينبغي أن يُبسَط فيه الكلامُ غايةَ البَسْط، وأما بالنسبة لتعارف الأوساط فمُساواة، وحينئذ فالإيجاز له عنده معنيان بينهما عموم وجهيٌّ، واختيار صاحب [التلخيص] (٢) -بعد اعتراضه على السكَّاكيِّ- أن يُقال: المقبول مِن طرق التعبير عن المراد تأديةُ أصلِه بلفظٍ مساوٍ، أو بلفظٍ ناقص عنه وافٍ به، أو بلفظٍ زائد عليه لفائدة؛ فالمساواة: أنْ يكون اللفظُ بمقدار أصل المراد، والإيجاز: أنْ يكون ناقصًا عنه وافيًا به، والإطنابُ: أنْ يكون زائدًا عليه لفائدة. ثم الإيجاز ضربان:

-إيجاز القصر: وهو ما ليس بحذفٍ.

-إيجاز الحذف.

فمثال المساواة: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ] {فاطر: ٤٣}، ومثال النوع الأول من الإيجاز: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ] {البقرة: ١٧٩}.


(١) مختصر المعاني، لسعد الدين التفتازاني (ص ١٧٠).
(٢) في (هـ): [التأنيس] وهو وهم، والمراد تلخيص المفتاح للقزويني ينظر: (ص ٥٤)، وجاء على الصواب في مطبوع قضاء الوطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>