للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلهذا عَكَفَ النَّاسُ عليهِ، وَسَاروا بسَيْرِهِ، فلا يُحْصى كم ناظِمٍ له ومُختَصِرٍ، ومستَدْرِكٍ عليهِ ومُقْتَصِرٍ، ومُعارِضٍ لهُ ومُنْتَصِرٍ!

[قوله] (١): «فلذا عَكَفَ النَّاسُ عليهِ، وساروا بسَيْرِه، فلا يُحْصى كَم ناظِمٍ له ومُختَصِر، ومُستَدْرِكٍ عليهِ ومُقْتَصِر، ومُعارِضٍ لهُ ومُنْتَصِر»:

أي: فلأجْل اجتماع ما تفرَّق في غير كتاب ابن الصلاح فيه؛ «عَكَف الناسُ عليه» أي: التزَموه على وجه التعظيم له بالانشغال به، والنظر فيه، والاستفادة منه، (٢) وحاذَوْه ونسجوا على مِنْواله في جمع المقاصد دون الترتيب، إذ قدَّم أنه لم يوضع على التناسب فلا يُعَد إلا بضَبْط، ولا يُحاط بكثرةِ مَن نَسَج على مِنواله في (أ/٩) التصنيف نظمًا ونَثرًا مع الاقتصار والانتشار، ويشير بهذا الكلام إلى كثرة جُملة مَنِ اشتغل به نَظمًا لا كثرة كلٍّ مِن الناظمين والمختصِرين ومَن ذُكر منهم. فمِمَّن نظمه: القاضي الخويِّي؛ (٣) بضم الخاء المعجمة وتشديد الياء التحتيَّة مثل ياء


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) تواتر الثناء على هذا الكتاب المبارك على ألسنة جَمْع من المحدثين، يقول الإمام النووي: «هو كتاب كثير الفوائد، عظيم العوائد، قد نبَّه المصنِّف -رحمه الله- في مواضع من الكتاب وغيره، عَلَى عظم شأنه، وزيادة حسنه وبيانه، وكفى بالمشاهدة دليلاً قاطعاً، وبرهاناً صادعاً». إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق (ص ١٠٨)، وقال ابن جماعة: «واقتفى آثارهم الشَّيْخ الإمام الحافظ تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح بكتابه الذي أوعى فيه الفوائد وجمع، وأتقن في حسن تأليفه ما صنع». المنهل الروي (ص ٢٦)، وقال الزركشي: «وجاء بعدهم الإمام أبو عَمْرو بن الصَّلَاح فجمع مفرّقهم، وحقّق طرقهم، وأجلب بكتابه بدائع العجب، وأتى بالنكت والنخب، حَتَّى استوجب أن يكتب بذوب الذهب». النكت (١/ ٩)، وقال الأبناسي: «وأحسن تصنيف فِيْهِ وأبدع، وأكثر فائدة وأنفع: علوم الْحَدِيْث للشيخ العلاّمة الحافظ تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح فإنّه فتح مغلق كنوزه، وحلّ مشكل رموزه». الشذا الفياح (١/ ٦٣)، وقال ابن الملقن: «ومن أجمعها: كتاب العلامة الحافظ تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح -سقى الله ثراه، وجعل الجنة مأواه - فإنه جامع لعيونها ومستوعب لفنونها» المقنع (١/ ٣٩).
(٣) محمد بن أحمد بن خليل بن سعادة الخويي، شهاب الدين، أبو عبد الله: قاضي دمشق، وابن قاضيها. مولده ووفاته فيها. ولي قضاء القدس سنة ٦٥٧ ثم قضاء حلب، فقضاء الديار المصرية، ونقل إلى قضاء الشام. وكان فقيها شافعيا، توفي يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وصلي عليه بالجامع المظفري ودفن عند والده بتربته بالجبل -رحمه الله-. ينظر ترجمته في تاريخ الإسلام (١٥/ ٧٧١)، الأعلام للزركلي (٥/ ٣٢٤)، هدية العارفين (٢/ ١٣٧)، ونظمه المشار إليه يسمى «أقصى الأمل والسُّول في علم حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-» طبع بالكويت بدراسة وتحقيق: نواف عباس حبيب المناور.

<<  <  ج: ص:  >  >>