للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآفةُ تدخُلُ في هَذَا: تَارةً مِنَ الهَوَى والغَرَضِ الفاسِدِ -وكَلَامُ المتقدِّمينَ سَالِمٌ مِن هَذَا غَالبًا- وتَارةً مِن المُخالفَةِ في العَقَائدِ -وهُوَ مَوْجودٌ كثيرًا؛ قديمًا وحَديثًا- ولا يَنْبَغي إِطلاقُ الجَرْحِ بذَلكَ، فقَدْ قَدَّمْنا تحقيقَ الحالِ في العملِ بروايةِ المُبتَدِعَةِ.

وَالجَرْحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْديلِ، وأَطلقَ ذَلكَ جَماعةٌ، وَلَكنَّ مَحلَّهُ إِنْ صَدَرَ مُبَيَّنًا مِن عَارِفٍ بأَسْبَابِهِ؛ لأنَّه إِنْ كَانَ غيرَ مُفسَّرٍ، لَمْ يَقْدَحْ فيمَنْ ثبَتَتْ عدالَتُهُ.

وإِنْ صَدَرَ مِن غيرِ عَارِفٍ بالأسبابِ، لَمْ يُعْتَبَرْ بهِ أيضًا.

فَإِنْ خَلَا المَجْروحُ عَنِ التَّعديلِ، قُبِلَ الجَرْحُ فِيهِ مُجْمَلًا غيرَ مُبيَّنِ السَّببِ إِذا صَدَرَ مِنْ عَارِفٍ عَلَى المُخْتَارِ؛ لأنَّهُ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعديلٌ، فَهُوَ في حَيَّزِ المَجْهولِ، وإِعْمَالُ قَوْلِ المُجَرِّحِ أَوْلَى مِن إِهمالِهِ.

[قوله] (١): «سَالِمٌ من هذا غَالِبًا»:

احتَرَز به عن غير الغالب، كالنسائي في أحمد بن صالح المصريِّ، فإنَّه حضر مَجْلسه فطرده. فلما رأى ابن مَعِينٍ قال: أحمد بن صالح كذابٌ متَفَلسِف، قال هو: [إنَّه] (٢) ليس بثقةٍ ولا مأمونٍ، وغطى عليه التَّعَصُّب حتى لم يَعْلَم أنَّ أحمد ابن صالح الذي جرَّحه ابن مَعِينٍ: أحمد بن صالح الشموني المصري شيخٌ كان بمكة كان يضع الحديث (٣)، وأمَّا المِصريُّ فثقةٌ باتِّفاق (أ/١٩٠) النَّاس، واحتجَّ به البخاري [في صحيحه] (٤) وقال (٥): «إنَّه ثقة صدوق، ما رأيت أحدًا يتكلَّم فيه


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) راجع: تدريب الراوي (٢/ ٨٩٢).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) تاريخ بغداد (٤/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>