للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأول، ثُمَّ انعَقَد الإجماع بعدهم على الجَزْمِ بالجواز؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيحين -حين سأله أبو شاةٍ أنْ يكتب له خطبته التي سمعها منه يوم فتح مكة-: «اكتبوا له» (١)، وجُمِع بين الأدلة: بأنَّ النهي متقدِّمٌ والإذْن ناسخٌ له، أو يُحْمَل النَّهي على وقت نزول القرآن خيفة التباسه بغيره، أو على من تمكَّن من الحفظ، أو على من خُشي منه الاتِّكال على الكتابة دون الحفظ، أو على كتابة غير القرآن مع القرآن في شيءٍ واحد؛ لأنَّهم كانوا في قلَّة فربَّما كتبوه معه، فنهو عن ذلك خوف الاشتباه، وحُمِل الإذْن على خلاف ذلك في الجميع، وبالجملة فالكتابة مسنونة، بل قال الشارح: لا يُبْعُد وجوبها على من خَشِيَ النسيان ممَّن يَتعيَّن عليه تبليغ العِلْم.

[قوله] (٢): «وهو أنْ يَكْتُبَ»: الظاهر أنَّ الضمير عائدٌ على «صفة الكتابة»، بمعنى وصف، أو راعى فيه الخبر، كما هو الرَّاجح فيما إذا اختلف مرْجع الضمير مع ما هو خبر عنه بالتذكير والتأنيث، ويصح عوده لكتابة الحديث، والتوجيه بحاله، إلَّا أنَّه يَلْزَم عليه سكوته عن الصفة وتعَرُّضه لمُتَعلَّقِها.

[قوله] (٣): «مُبَيَّنًا»: حال من نائب فاعل «[يُكْتَبُ]» (٤)، وهذا على سبيل النَّدب، إذ يُكْره الخطِّ الدَّقِيق لأنَّه ربَّما ضَعُفَ البصر عن إدراكه، وكذا يُكْرَه التَّعليق، وهو: خَلِيط الحروف التي ينبغي تفرقتها، وكذلك يُكْرَه المَشْقُ وهو: سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف، وقوله: «مُبيَّنًا» ناظرٌ للأول، وقوله: «مُفَسَّرًا» ناظرٌ للأخيرين.


(١) البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥).
(٢) زيادة من: (أ) و (ب).
(٣) زيادة من: (أ) و (ب).
(٤) زيادة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>