للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقرون به، ولا يقدرون على إنكاره.

ثم خالف جميع متأخريهم هذا الإجماع وخرقوه وابتدعوا ضلالة لم يسبقهم إليها أحد قبلهم فصاروا فرقتين: إحداهما قَلَّدت أبا حنيفة بلا طلب دليل، ولا تكلف برهان والأخرى جعلت شغلها في دينها البحث عما ينصرون به أقوال أبي حنيفة على تضاربها (١) وإختلافها، وأن له قولتين: إحداهما تحرم والأخرى تحلل ما حرم في الأخرى، فينصرونهما جميعًا مجاهرةً لله تعالى بهذا الباطل، بِكُلِّ خبر مكذوب يدرون أنَّه غير صحيح، وبكل قياس فاسد، وتعليل بارد، لم يعرفه قط صاحب، ولا تابع، وفيهم طائفة لا ترى الخروج عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد، وزفر، وكل هذا بدعةٌ هتكوا بها إجماع أهل الإسلام قاطبة، ثم تلا هم فيها المالكيون والشافعيون، فهذا خلاف الإجمْاع حقًا لا أكاذيبهم المفضوحة ودعاويهم المفتراة في دعواهم الإجماع، حيث لا إجماع إلى خلافهم الإجماع حقًا وكذبهم على جميع الصحابة -رضي الله عنهم- (٢) أو على جميع أهل الإسلام أولهم عن آخرهم، فأخذوا طرفي حبل الضلالة، وانتظموا التلبيس معًا، ونعوذ بالله من الضلالة والهلكة.

قال أبو محمد رحمه الله تعالى (٣): فهذه أقوالهم في خلاف الإجماع المتيقن، وخلاف الجمهور، وما قالوه مما لا يعرف له


(١) في (ش): تضادها.
(٢) سقط لفظ الترضي من (ت).
(٣) سقط لفظ الترحم من (ت).