إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا.
أما بعد:
فلقد كان من لطائف المنن علي، ومحاسن النعم لدي، أن هديت إلى تحقيق كتاب "الإعراب"، وذلك لجملة أسباب، منها:
١ - جلالِة قَدْر مؤلِّفه، وعظم منزلة واضعه، وعلو شأن صاحبه، فابن حزم مُحدِّثٌ من المحدثين، وحافظ من الحفاظ وفقيه من الفقهاء، وأصولي من الأصوليين، ومؤرخ ثبت من أهل التاريخ، وأديب من الأدباء، قد حَفِظَ على أهل الإسلام علوما كثيرة، فأربى بذلك على من كان قبله، أو جاء بعده.
٢ - نفاسة كتاب "الإعراب"، وعِظَمُ خَطَوِه وشَرَفُ موضوعِهِ، فهو خزانة فقه، ومدونة حديث، وجامع أثر، قد حوى علما كثيرا، وخيرا وفيرا، مع ما ملأه به واضعه من حط عظيم، واعتراض كثير، ونقد مسترسل، وتَعَقُّب بليغ.