للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القول في طرف من تناقضهم في القول بدليل الخطاب وتركه]

قال أبو محمد رحمه الله تعالى (١): قال الله تعالى: { ... أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (٢)، فقالوا: ما عدا المسفوح ليس حراما، وخالفوا بذلك قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (٣).

وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (٤)، فقالوا: وغير المؤمنات من الفتيات أيضا مباح، وواجد الطَّوْل أيضا له ذلك (٥).

وقال تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى} (٦)، فقالوا: نَعَمْ، والحر بالعبد أيضا والعبد بالحر أيضا، والذكر بالأنثى،


(١) سقطت من (ت).
(٢) من قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}. سورة الأنعام، الآية ١٤٥.
(٣) سورة المائدة، الآية ٣، وقد حكى المؤلف في المحلى (٧/ ٣٨٩) هذا القول ثم قال: "وهذا استدلال منهم موضوع في غير موضعه، لأن الآية التي احتجوا بها في سورة الأنعام، وهي مكية، والآية التي تلونا نحن في سورة المائدة وهي مدنية من آخر ما أنزل، فحرم في أول الإسلام بمكة الدم المسفوح، ثم حرم بالمدينة الدَّم كله جملة عموما، فمن لم يحرم إلا المسفوح وحده، فقد أحل ما حرم الله تعالى في الآية الأخرى، ومن حرم الدم جملة، نقد أخذ بالآيتين جميعا، وقد حرم بعد تلك الآية أشياء ليست فيها كالخمر وغير ذلك فوجب تحريم كُلِّ ما جاء نص بتحريمه بعد تلك الآية، والدم جملة مما نزل تحريمه بعد تلك الآية".
(٤) سورة النساء، الآية ٢٥.
(٥) انظر: المحلى (٩/ ٤٤٦).
(٦) سورة البقرة، الآية ١٧٨.