للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثالث ثناء العلماء على ابن حزم]

شغل ابنُ حزم النَّاسَ، فاختلفت فيه آراؤهم بين مادح وقادح، ومناصر ومخالف، لكن المثني أكثر من الثالب، والمعجب أكثر من الكاره، ولقد أعجب النَّاسَ مِنْ ابن حزم فضائلُ منها:

١ - سَعةُ معارفه، وكثرة فنونه، يقول القاضي صاعد: "ولأبي محمد بن حزم بَعْد هذا نصيب وافر من علم النحو واللغة، وقسمٌ صالحٌ من قَرْض الشعر، وصناعة الخطابة" (١).

ويعدد مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حيان علوم ابن حزم فيقول: "كان ابن حزم حاملَ فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة" (٢).

ولم يكن ابنُ حزم في هذه العلوم مشاركا مشاركةَ من يُنزله الاشتغال بعدة فنون - عن منزلة المتفرد في علمٍ، المتوفر عليه، بل إنه كان فيما عرف به من فنون قائما بها مقام المتفرغ لها والمتخصص فيها. فهو "رجل في أمة، وأمة في رجل، فهو مفسر مع المفسرين، ومحدث مع المحدثين، وحافظ مع الحفاظ، وفقيه مع الفقهاء، ومقرئ مع المقرئين، وأصولي مع الأصوليين، ومتكلم مع المتكلمين، وفيلسوف


(١) طبقات الأمم (ص ١٨٤).
(٢) الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (ق ١/ ج ١/ ص ١٦٧)، ومعجم الأدباء (ج ١٢/ ص ٢٤٧) والمغرب (ج ١/ ص ٢٧٤)، ولسان الميزان (ج ٤/ ص ٢٠٠).