للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثاني آثار ابن حزم العلمية]

أقبل ابن حزم على التأليَف بهمة عالية، وَجِدّ كبير، فَحَصَلَ له من ذلك حظ عظيم، وصار ثالث ثلاثة عُرفوا بكثرة التَصانيف، ووفرة التآليف (١).

قال القاضي صاعد: "وأخبرني ابنه الفضل المكنَّى أبا رافع، أن مبلغ تآليفه في الفقه والحديث والأصول والنحل والملل وغير ذلك من التاريخ والنسب، وكتب الأدب، والرد على المعارضين، نحو أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة" (٢).

وقد انقطع ابن حزم للتأليف في قريته، الذي اتخذها له معتكفا، وساعده على الإكثار عزلته وتفرغه لهذا الشأن، يقول ابن حيان واصفا حال ابن حزم في قريته: " ... ولا يدع المثابرة على العلم، والمواظبة على التأليف، والإكثار من التصنيف، حتى كَمُلَ من مصنفاته في فنون العلم وِقْرُ بعير" (٣).


(١) عرف في تاريخ العلماء من هؤلاء المكثرين في التصنيف: الإمام الطبري وابن الجوزى.
(٢) طبقات الأمم (ص ١٨٣) وأخبار العلماء (ص ١٥٦) وقال صاعد تعليقا على ما نقله عن أبي رافع: "هذا شيء ما علمناه لأحد ممن كان في دولة الإسلام قبله إلا لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، فإنه أكثر أهل الإسلام تصنيفا" وللمراكشي نحو تعليق صاعد وانظر: المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص ٥١).
(٣) الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (ق ١/ ج ١/ ص ١٤٢) ومعجم الأدباء (ج ١٢/ ص ٢٤٨ - ٢٤٩).