للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد فهم منه نجاسة سؤر الكلب، ووجوب تطهير ما أصابه لعابه، وهذا القدر من الحديث لا معارض له، وأما ما عدا ذلك من المرات السبع والتعفير فلم يأخذ به أبو حنيفة لوجود ما يعارضه (١).

[٣ - طهارة الماء]

حكى المصنف عن الحنفية أن الماء ينجس إذا وقعت فيه نجاسة، واستدلوا بحديث: (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس)، وقال متعقبا: "وهم أول مخالف لهذا الخبر وموهن له" (٢).

وحقيقة الحال في المسألة: أن الفقهاء اتفقوا على أن الماء الذي غيرت النجاسة أحد أوصافه من طعم أو لون أو ريح لا يجوز الوضوء به ولا الطهور، كما اتفقوا على طهارة الماء الجاري الكثير إذا خالطته نجاسة لم تغير شيئا من أوصافه، لكنهم اختلفوا في غير ماء البحار والأنهار، فقال قوم: هو طاهر، سواء كان كثيرا أو قليلا، وهي رواية عن مالك وبه قال أهل الظاهر، وذهب قوم آخرون: إلى الفرق بين قليل الماء وكثيره إذا وقعت فيه نجاسة، فقالوا إن كان قليلا ينجس، وإن كان كثيرا لا ينجس، ومن هؤلاء أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق، واختلفوا في حد الكثرة، فذهب الشافعي وأحمد وإسحاق إلى أن الحد في ذلك هو قلتان من قلال هجر، أَخْذًا بالحديث الوارد، وذهب أبو حنيفة في ظاهر الرواية عنه، إلى أن حد الكثرة يعتبر فيه أغلب رأي


(١) انظر: شرح معاني الآثار (ج ١/ ص ١٢ - ١٥) وفتح القدير (ج ١/ ص ٧٥) والعارضة (ج ١/ ص ١٣٥ - ١٣٦) وبداية المجتهد (ج ١/ ص ٢٢ - ٢٤).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣٥).