للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القول في ذكر طرف من أخذهم بالمنسوخ المتقدم وتركهم الناسخ المتأخر]

قال أبو محمد رحمه الله تعالى (١): قد ذكرنا أخذهم بقول الله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٢)؛ فهو المتقدم المنسوخ، وتركهم قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٣). ومن ذلك احتجاجهم في سقوط الحج عن العبد بقوله عليه السلام: "إذا حج العبد ثم أعتق فعليه حجة أخرى، وإذا حج الأعرابي، ثم هاجر، فعليه حجة أخرى" (٤)، وهذا خبر كان قبل الفتح بلا شك، وتركوا الخبر الثابت من قوله عليه السلام في حجة الوداع: "أَيُّها الناس كتب عليكم الحج فحجوا" (٥)، فَعَمَّ عليه السلام، ولم يخص.

ومن ذلك احتجاجهم في المنع من الطيب عند الإحرام - وهو آخر فعله


(١) سقطت من (ت).
(٢) سورة البقرة، الآية ١٨٤.
(٣) سورة البقرة، الآية ١٨٥.
(٤) مضى تخريجه.
(٥) أخرجه أبو داود في المناسك برقم (١٧٢١)، وابن ماجه في المناسك برقم (٢٨٨٦)، والنسائي في الصغرى في الحج، باب وجوب الحج (٥/ ١١١) وأحمد في المسند (٣/ ٥٤) رقم (٢٣٠٤) عن ابن عباس قال: خَطَبَنَا - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيها الناس كتب عليكم الحج، قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: في كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تَعْمَلُوا أو لم تستطيعوا أن تعملوا بها، فمن زاد فهو تطوع".