للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الرابع: التعقبات على الكتاب]

ابن حزم ظاهري جامد, لا يبغي بالنص بدلا, ولا يلتفت إلى دلالة ولا إلى إشارة بعيدة كانت أَوْ قريبة, ولا يأخذ بالقياس ولا يرى البحث عن العلة, وجموده ظاهر في "الإعراب", فَمِنْ ذلك قوله: ". . . فلما جاء النص بذلك سَمِعْنَاه وأطعنا, ولما لم يأت نص بأن يحرم لدخولها من لا يريد حجا ولا عمرة لم يجب ذلك أصلا" (١).

وقوله - تعليقا عل حديث مواقيت الصلاة -: ". . . وهذا بيان لا يحتمل تأويلا أصلا" (٢). وقوله - تعليقا على حديث صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه على النجاشي: "وما يمتري مسلمٌ في أن كل مَنْ بلغه ذلك, فإنه عَلِمَ ودان بأنه سنة وحق وفضيلة, وليت شعري بماذا يدفعون صحة هذا الحديث؟ ولا مساغ للتأويل فيه إلا بالتعليق بالأماني الباطلة, وكيف يسوغ لمسلم أن يرغب بنفسه عَمَّا رضيه اللهُ شرعا لنبيه فعمل به, وعمل به معه أصحابُهُ, ولا نكير منهم لذلك ولا متعقب. . ." (٣).

ولقد ثَبَتَ ابنُ حزم على ظاهريته في الكتاب كله, فتعقب أهل الرأي والقياس وأمعن في ذلك, ولم يدع لهم دليلا يتعلقون به, إلا تكلم عليه, وأظهر الوجه فيه, وحمله الإمعانُ على استقصاء أقوالهم


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٠).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٦).
(٣) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٣٧).