للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومذاهبهم، ومقارعتهم بالدليل العقلي الذي لا حيلة معه كقوله في التعليق على ما ذهبوا إليه من أن المتوضئ لا يجزئه من مسح الرأس إلا الربع فأكثر، أو إلا ثلاثة أصابع فأكثر -: ". . . وبالضرورة يدري كل ذي فَهْمٍ أنه ليس في هذا الخبر (١) شيء من المقدارين السخيفين اللَّذيْن حدوا لا بدليل، ولا بنص، ويُحتاج في حديهما المذكورين إلى خيطٍ يُذرع به الرأس! ! " (٢).

ويستعين ابنُ حزم في تعقب الحنفية، وتصحيح رأيه بدليل المشاهدة، ففي انتقاده لقولهم في جواز صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان صلاة المأمومين بقامة، وبطلان صلاته وصلاتهم إن كان وقوفه في موضع أرفع من مكان صلاة المأمومين بأكثر من قامة - قال: ". . . فليت شعري أي قامة هي؟ ! وقد رأينا بعض الناس أكثر من تسعة أشبار بالشبر التام الكبير! ! ورأينا قامة بعضهم لا تتجاوز ستة أشبار إلا بأقل من شبر! ! فاعجبوا لهذه الفضائح! ! " (٣).

وقال في انتقاده لقول الحنفية أن الإمام يكبر إذا قال المقيم: قد قامت الصلاة، واحتجاجهم في ذلك بالخبر الذي فيه: أن بلالا قال لرسول الله: لا تسبقني بآمين: ". . . وبضرورة المشاهدة يَدْري كل ذي حس سليم أنه لا سبيل إلى إتمام الإمام ثلاث آيات من أم القرآن، فكيف أن يتم جميعها؟ فكيف يسبقه الإمام بآمين؟ ! ! إن هذا لعجب لا


(١) يعني خبر المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعمامته.
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٧).
(٣) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٧).