للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظير له! ! " (١).

وقال في انتقاده لقول الحنفية أن بول الإبل يُنَجِّسُ ما وقع فيه: "وَلَقَدْ أخبرني من لا أمتري في صحة حديثه وثُقُوب معرفته من أهل الإبل، أنه لا سبيل البتة إلى التحفظ من أن يقع في ألبان الإبل عند حلبها بولها فلو قلب هؤلاء القوم مذاهبهم، لأصابوا! ! " (٢).

وليس يَعْدَمُ ابنُ حزم في انتقاده للحنفية من ملامة ومؤاخذة، فَمِنْ ذلك:

أولا: حدة لسانه، وقسوة ألفاظه، وفظاعة حطه، وشناعة نقده، فلو أن ابن حزم تعقب نصرانيا أو يهوديا أو زنديقا أو دهريا ملحدا بمثل هذا التعقب لكان ذلك شيئا مستهجنا، ونمطا مستغربا، وصنيعا مستقبحا، فكيف والمُتَعقَّبُ من أهل الملة؟ ! والمتكلم فيه من أهل القبلة؟ ! ! .

ولقد حملت الحِدَّةُ ابنَ حزم على التعيير بل التكفير، اسمع إليه يقول: . . . وهذا انسلاخٌ من الإسلام، وإحالةٌ للقرآن، وتحريفٌ لكلام الله تعالى عن مواضعه" (٣).

ولقد كان الإنصافُ يقتضي من ابن حزم أَنْ يُخْلِيَ كتابَهُ مما شَانَهُ من التعبير القاسي، والحط القبيح، والتكفير الشنيع، ولو أنه فعل ذلك لكان متكلما في الحنفية بالقسط والعدل، ولكنه ابنُ حزم، وَمَنْ ذا الذي سَلِمَ من لسان ابن حزم! ! ! .


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٧).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ١٧٠).
(٣) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ١٦٠).