للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعقد ابن حزم في هذا المعنى فصلا قال فيه: "في احتجاج الحَنِيفيِّين بأخبار صحاح أو غير صحاح مموهين بإبدالها جرأة واستحلالا وليس فيها شيء مما احتجوا بها فيه، أو خالفوا نص ما فيها، فهذا عظيم جدا، ومجاهرة قبيحة، وإيهام فاحش" (١).

ومن أمثلة الجهة الأولى المنتقدة (٢): قول ابن حزم: "واحتجوا لمذهبهم الفاسد في أن الماء يحرم شربه والتطهر به، ويتنجس بما حل فيه من النجاسات وإن لم يظهر لها فيه أثر - بالآثار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب). . . وليس في شيء من هذه الآثار أن الماء ينجس بشيء مما حله، ثم خالفوها كلها فيما أمر به عليه السلام فيها جِهَارًا، فقالوا: لا معنى لغسل الإناء من ولوغ الكلب فيه سبعا، ولا بالتراب، وهذا لا معنى له. . ." (٣).

ومن أمثلة الجهة الثانية: قول ابن حزم: ". . . واحتجوا أيضًا في مذهبهم الفاسد - الذي ذكرناه آنفا - من أنه لا يجزئ الوضوء بماء قد توضأ به مسلم، أو اغتسل به من الجنابة مسلمٌ طاهر الأعضاء كلها بالخبر الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نهيه الجنب عن أن يغتسل في الماء


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٧).
(٢) التي تقدمت آنفا من قريب.
(٣) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ١١).