للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك كثير من الحنفية حتى قال المؤلف: "وما يكاد أن يسلم خبر يحتجون به، ويدعون أنهم يأخذون بما فيه، مِنْ أن يخالفوه بآرائهم" (١).

وتعقبُ ابن حزم للحنفية في هذا الأمر على ضربين:

الأول: انتقادهم في تصحيح خبر ضعيف ومخالفته.

الثاني: انتقادهم في تصحيح خبر وافقهم غيرُهم في تصحيحه، وخالفوه هم بآرائهم.

فمن أمثلة الضرب الأول: قول ابن حزم: "واحتجوا في تصحيح مذهبهم الفاسد في أَنَّ مَنْ صلى، وفي ثوبه أو في جسمه من النجاسات أكثر من قدر الدرهم البغلي بطلت صلاته، فإن كانت قدر الدرهم، فأقل، لم تبطل صلاته، تعمد ذلك، أو لم يتعمد - بالخبر الذي لا يصح أيضًا من طريق ابن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعاد الصلاة من قدر الدرهم البغلي. فيا للشهرة والفضيحة في الدنيا والآخرة، يحتجون بهذا الخبر، ويصححونه، وهم يخالفونه فيقولون: لا تعاد الصلاة من قدر الدرهم. . ." (٢).

ومن أمثلة الضرب الثاني: قول ابن حزم: "واحتجوا بالنهي عن بيع الغرر في مواضع كثيرة، وصححوه وتبجحوا بالأخذ به، ثم خالفوه، وأجازوا بيع رطل من جملة هذا الدقيق، وصاع من هذا التَّمر


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣٠).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ١٣).